يدور نقاش في عواصم القرار الغربية حول مآل الامور في لبنان بعدما اصاب الانهيار كل مناحي الحياة، بما لم تكن تتوقعه الدوائر المعنية بالملف اللبناني، بحيث اصبح دخولها للمعالجة تحيط به صعوبات جمّة نتيجة الوقائع التي تحتاج الى تغيير في المقاربة والاسلوب.
ينقل زوار العاصمة الاميركية واشنطن لـ"نداء الوطن" معطيات واجواء تشي بأن "الادارة الاميركية الجديدة ما زالت تضع لبنان خارج حساباتها، وهي تستمر في ايكال امر المتابعة والمعالجة الى الصديق الفرنسي استناداً الى التوجهات التالية:
اولاً: لا تريد الادارة الاميركية ذهاب الوضع في لبنان الى الفوضى الشاملة التي تؤدي الى انفلات امني يطيح بالاستقرار والسلم الاهلي، الذي ما زال قائماً بشق الأنفس حتى حينه.
ثانياً: ترصد الدوائر الاميركية انعكاسات الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية غير المسبوقة في لبنان وانهيار منظومة الامن الاجتماعي، والى اي مدى يمكن ان تصل الامور وما هي ادوات التدخل وتوقيت التدخل لمنع الفوضى.
ثالثاً: ثبُت ان سلاح العقوبات هو بمثابة اخطر سلاح استخدم مؤخراً ويصنّف بأنه سلاح دمار شامل، إذ كان المأمول ان يؤدي الى انهيار منظومة "حزب الله" فاذا به اصاب كل لبنان بالانهيار، ولكن المشكلة ان كل النقاشات لم تجد بديلاً عن هذا السلاح على الرغم من ثبوت انه لا يمكن استخدامه موضعياً.
رابعاً: حتى يومنا الحاضر لا نية للولايات المتحدة الاميركية في تخفيف الضغط، انما في المقابل مستمرة في برنامج الدعم للجيش اللبناني وستزيد هذا الدعم، لا بل شجعت الدول الصديقة والحليفة على المشاركة في مؤتمر دعم الجيش الخميس المقبل، لأن المطلوب الحفاظ على الجيش وصموده حتى يتمكن من حماية لبنان ومنع الدخول في الفوضى الامنية.
خامساً: تعمل الولايات المتحدة مع شركائها في لبنان في محاولة للحد من الآثار الكارثية لسياسة العقوبات، ولكن المشكلة ان شركاءها ليسوا بالقدرة على المواجهة وقد اختبرتهم في محطات عديدة وايضاً في الازمة الراهنة، بحيث لا يمتلكون برنامجاً موحداً قابلاً للتنفيذ.
سادساً: هناك متابعة دقيقة للحالة الشعبية، وهناك مشكلة في تطبيق سياسة عدم الافلات من العقاب، اي ان مواصلة سياسة فرض العقوبات على القيادات اللبنانية والطبقة الحاكمة منذ اكثر من ثلاثة عقود، ستؤدي حكماً الى فضح ارتكابات شركاء لواشنطن كونهم من صلب التركيبة الحاكمة، لذلك هناك تريث في معاودة تفعيل سياسة فرض العقوبات.
سابعاً: هناك قناعة لدى واشنطن والعواصم الغربية باستحالة ان تبادر السلطة الحاكمة الى التنحي، وهي تعاند وتواجه بكل الوسائل ولن تستسلم حتى لو دمرت لبنان ولم تبقَ اي مؤسسة قائمة.
ثامناً: الرهان هو على التغيير في الانتخابات النيابية القادمة، والاستطلاعات تشير الى تراجع كبير للثقة بالاحزاب، وحتى لو اعيد انتاج ذات التركيبة النيابية الا انها ستكون فاقدة للشرعية كونها ستأتي بأصوات متدنية، كون التوقعات تشير الى اتجاه شعبي لمقاطعة الانتخابات، وهذا الامر سيكون ورقة قوية بيد المجتمع الدولي".
ويكشف الزوار عن ان "الادارة الاميركية والرئيس الاميركي جو بايدن وفي تواصله المستمر مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، طلب منه اعادة مسك الملف اللبناني والاستمرار بمبادرته وفق آلية مختلفة، وهذه المرة لن تسمع القيادات اللبنانية تنبيهات وتحذيرات فرنسية من مغبة الاستمرار في التعطيل، انما ستتخذ اجراءات عقابية من دون الاعلان عنها وستكون موجعة، من شأنها ان تعطّل مصالح واستثمارات وحركة هؤلاء في كل الدول الاوروبية ودول كبرى اخرى، لعلهم ينصاعون الى بيت الطاعة الوطنية ويذهبون الى تسهيل الاستحقاقات الحكومية والاصلاحية والنيابية".