مواجهة الصفقة
مواجهة الصفقة

خاص - Sunday, February 2, 2020 9:17:00 AM

النقيب السابق لمحامي الشمال، الوزير السابق رشيد درباس

كنت قد أشرت في أحد مقالاتي إلى أن أصل كلمة "الصفقة" عائد إلى اتفاق شخصين على أمر ما، فإذا اكتملت الشروط، صفّق احدهما كفّه بكفّ الآخر، فخرج الصوت مؤذناً بحصول التفاهم .

أما "صفقة القرن" ، فهي عبارة عن تصفيق متواصل لكلام سيّد البيت الأبيض الذي يتبادل مع سيّد الإجرام الأسود نتنياهو المدائح والترويج لانتخاباتهما، فيكرّر كل منهما صفق كفّه بكفّ الآخر الذي يوافق في كل مرة على ابتلاع أرض فلسطينية جديدة كعمل من أعمال الخير وكاستجابة لرغبة رئيس أميركا راعي السلام في العالم وحارسه الذي يكافىء اللص بمزيد من الأسلاب، فلماذا الاستغراب إذاً وقد أغرى الصراع الدموي بين حماس والسلطة الفلسطينية الاسرائيليين على الاستهانة بالارادة الفلسطينية، وطمأن تمزّق دول الطوق الى أنّ الصمود والتصدي كان فصلاً خرافياً من ليالي شهرزاد، وأن المذهبيات طغت بين المسلمين على أصل الدين والاتنيات تجري إبادتها، والمسيحيين حراس القدس والقيامة وبيت لحم، أصبحوا داخل الدول الفلسطينية أقل عدداً من الذين لم يغادروا أراضي 48، وأن محور الممانعة فقد التوازن بين قوة الصوت وجدية العقل، حتى الأغاني التي توطّنت في وجدان الأجيال العربية تؤول إلى النسيان، فمَن منّا يتذكر "أخي جاوز الظالمون المدى"، أو "لأجلك يا مدينة السلام"، في ظل الهيمنة الايقاعية طبلاً وصنجاً ونعيقاً ونعيباً .

أما آن لنا أن نبدأ بالتفكير من مكان واضح، فنقول إن أميركا تستغل إيران للاستثمار التاريخي في الثروة العربية من خلال إدامة العداوة الفارسية الخليجية وتأجيجها فتبث الرعب في قلوب عرب الجزيرة، وتذرّ الفقر في طبقات الشعب الايراني .

هل ينفع الوهم بإنشاء حلف أممي يضم الممانعة إلى الصين وروسيا وفنزويلا والعراق، فيما الصين منهمكة بتنشيط الشراكة الاقتصادية مع أميركا، والروس يحرسون في آن النظام السوري والممرات الجوية الآمنة للطيران الاسرائيلي ليضرب المواقع العسكرية السورية والايرانية وقوات حزب الله ساعة يشاء ومتى يشاء من غير أن يفقد جناحاً واحداً من إحدى طائراته .

وبماذا تستطيع الدولة النفطية الغنية فنزويلا أن تفيدنا في ترميم عملتنا فيما عملتها أرخص من التراب ؟

وهل بمقدور العراق أرض السواد ، أن يكون منتجاً في الممانعة ، بينما تتحول دجلة إلى اللون الأحمر ، وشط العرب إلى شط ملتبس الهوية ؟

ولا يفوتني في النهاية أن أسأل فيما إذا كانت البالستية الحوثية تستطيع من بعد أن تصيب من الصفقة مقتلا .

أما آن لنا أن نغادر الخطاب إلى حسن الجواب، والقعقعة إلى العقل، والجعجعة إلى الطحن ، ونلتقي على إعادة الترميم اللبناني من خلال البحث عن مصالحنا المشتركة .

أما آن للعرب أن يحبطوا تصفية فلسطين، بمغادرة المنبر إلى هدوء التدبر والتفكير، وإلى استرداد الزّمام؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني