محمد علوش- الديار
من السيئ إلى الاسوأ انتقل حال الملف اللبناني منذ بدء زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت حتى نهايتها، فالتعنت لا يزال سيد الموقف والتفكير الداخلي والدولي بات يتجه نحو ما هو أبعد من تشكيل الحكومة، وتحديداً باتجاه المرحلة التي ستبدأ برفع الدعم وتنتهي بالإنتخابات النيابية المقبلة، وهي المرحلة التي يفترض أن تنتج «ما يشبه النظام الجديد في لبنان».
بعد فشل زيارة لودريان، جاءت كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لتطغى على المشهد، خاصة بما يتعلق بمسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، فالسيد نصر الله فاجأ الجميع عندما قال «إننا كمقاومة، لا ولن ولم نتدخل في موضوع ترسيم الحدود»، فما الذي يعنيه حقّاً هذا الكلام.
تشير مصادر مطلعة إلى أن حزب اللـه كفريق سياسي كبير في لبنان لا يمكنه أن يكون بمنأى عن ملف الترسيم، أو غير ملف الترسيم، مشددة على أن الممارسة أصلاً أثبتت أن الحزب لا يمكنه البقاء بعيداً عنه، فهو سبق له وأن حدد ثوابت أسـاسيـة لا يتـنازل عنها، منها مسألة التفاوض غير المباشر، والتفاوض العسكري لا السياسي، وبالتالي فإن الطرح الجديد الذي قدمه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في هذا الإطار لا يمر لدى قيادة الحزب التي أبلغت باسيل بموقفها بشكل واضح لا لبس فيه.
وتضيف المصادر عبر «الديار»: «حزب الله معنيّ بحقوق لبنان، ومعنيّ بالصراع اللبناني ـ الإسرائيلي، ومعنيّ بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، وهو الممسك بسلاح المقاومة الـيوم، ولا يمكنه أن يكون غير معنيّ بملف التفاوض والترسيم، خاصة أن هناك من يحـاول استثمار الملف، واستثمار حقوق لبنـان لمصالحه الشخصية، ولكن هناك فارق كبير بين الموقف السياسي والموقف التقني»، مشددة على أن الجميع يعلم أن للحزب موقفه السياسي من الملف ولكن لا علاقة له بالجانب التقني للمفاوضات، وهو الأمر الذي تتولاه قيادة الجيش اللبناني، وهذا أساس قول السيد نصر الله بأن المقاومة لا تتدخل بالملف.
ترى المصادر أن ما أراد نصر الله قوله هو أن الحزب ليس طرفاً مباشراً على طاولة التفاوض، خاصة بعد أن سأل كثيرون عن موقف حزب الله مما يجري، مشيرة إلى أن كلام أمين عام حزب الله جاء ليقطع الطريق على من يريد التصويب على علاقة الحزب بالتيار من باب هذا الملف.
تؤكد المصادر أن كلام السـيد حـسن نصر الله كان ضرورياً بعد أن اتهم البعض حزب اللـه بأنـه يريد إنشـاء مزارع شـبعا جـديدة في البحر لتغطية وجـود سـلاحـه، وهو ما أثار حفيظة حزب الله وجعل أمينه العام يتحدث عن عدم علاقة المقـاومة. ولكن بالنـسبة لحزب الله فإن المقاومة معنية بشـكل مباشر بحماية كل شبر من حدود لبـنان، في البحر والبر والجو، وبحـال لم يـكن لها علاقة بتقنيات المسألة، إلا أن المقـاومة معنية بشكل مباشر بالدفاع عن الحقوق فوق اقرار الترسيم وتحديد المنطقة اللبنانية، ومن هنا جاء تأكيد السيد نصر الله أن «لبنان قوي، وعليه التفاوض من هذا المنطلق».