دموع الأسمر -الديار
هذا السؤال يرتسم لدى مختلف الاوساط الشعبية، لا سيما في الشمال الاكثر فقرا من بين المناطق اللبنانية
وليس وحده السؤال الذي يطرح في هذه الاوساط، حيث بات مشروع البطاقة التمويلية حديث الساعة، وتعلق عليه مئات العائلات الآمال في ان تشكل البطاقة المذكورة، البحصة التي تسند الخابية، والا فان المحتاجين الفعليين الذين لا يجدون مورد رزق سيذهبون الى مزيد من الفقر والتدهور الاجتماعي يأخذ مجراه الحاد وسط عجز الدولة اللبنانية امام هذا الانهيار وامام التخبط السياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق في تاريخ البلاد.
ليس خافيا على أحد ان الشمال اللبناني مهمل منذ عهود، وانه في الآونة الاخيرة ازداد الاهمال على مختلف الاصعدة.
وفي الشمال شرائح اجتماعية تحت خط الفقر، لكن كثير من العائلات تشكو من عدم حصولها على بطاقات الشؤون الاجتماعية، وان شروط منح هذه البطاقة تؤدي الى حرمان مئات العائلات منها، فكيف سيكون الحال مع البطاقة التمويلية المقترحة والتي لم تبصر النور قبل شهر ونصف، حسب ما افادت مصادر مسؤولة، هذا في حال اقرار المشروع سريعا في مجلس النواب واحالته الى مجلس الوزراء، ومن اليوم حتى اقراره فان مسألة العجز المالي لدى اللبنانيين عامة ولدى العائلات التي انحدرت الى ما تحت خط الفقر وبعد ان طالت الطبقة الوسطى، ستزيد من حبل الخناق حول رقاب الجميع.
ففي طرابلس لوحدها ما يقارب الستين بالمئة ممن كانوا يعيشون (خبزنا كفاف يومنا) فاصبحوا اليوم يفتقدون حتى هذا الخبز، وصار المشهد في محلات بيع السمانة والخضار مؤلم للغاية يقف مواطنون يئنون من الجوع ولا يستطيعون شراء حبة بندورة على سبيل المثال، بل باتت مشاهد الفقراء عند حاويات النفايات مثير ويخدش المشاعر الانسانية مع مشاهد المتسولين الذين يغذون الشوارع الطرابلسية وامام المحلات التجارية لا سيما مشاهد الفتيات الصغار والنساء العجزة الذين يفترشون الارصفة ويمدون اليد...
لذلك بدأت ترتسم التساؤلات حول من يستفيد من البطاقة التمويلية، ومن هو الذي يضمن وصولها الى المحتاج الحقيقي؟ بل الاهم ان موظفي القطاع العام ومن بينهم موظفي المؤسسات العسكرية والامنية فقدت رواتبهم القيمة الشرائية وباتوا اقرب الى خط الفقر لا يستطيعون تأمين قوت عيالهم. فمن هم الذين ستشملهم البطاقة؟ وما هي الآلية التي سوف تتبع للحصول عليها؟. والاهم هل ستخضع البطاقة للمحسوبيات السياسية والتوظيف الانتخابي على غرار كثير من المشاريع الرسمية التي تستغل انتخابيا؟؟
هذه التساؤلات برأي اوساط شعبية مشروعة في ظل الفساد المستشري في البلاد، خاصة ان العدد المقترح هو 750 ألف مواطن لبناني، اما بقية اللبنانيين من المحتاجين فمن يساعدهم ويقيهم شر العوز في الاسابيع المقبلة عندما يرفع الدعم؟
لعل قائل يقول ان الاسواق في طرابلس تشهد ازدحام متسوقين، لكنها حالة استثنائية بفضل اموال المغتربين الذين شكلوا سندا لاهاليهم في هذه الظروف القاسية، وهي مجرد موسم وكانت هذه الاموال البلسم للفقراء ولذوي الدخل المحدود، غير ان الواقع بعد الاعياد سيتحول الى جحيم لحظة رفع الدعم او ترشيده، ومن بين كل المناطق فان طرابلس والشمال اكثر المتهاوين نحو الجحيم..