الاعلامي د. كريستيان أوسي
لماذا يخشى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ما سيحمله الآتي، وماذا يمكن لهذا الآتي ان يحمل بعد الى اللبنانيين؟
هو السؤال الكبير الذي يطرحه الناس، وقد بات كثير منهم يترحمّون على الايام الخوالي، يوم كانت الامور تسير بقدرة "القادر" الذي أمسك بمفاصل لبنان، فلا حكومة تتأخر بحرتقات، ولا مسائل حزبية او خاصة تطفو على سطح إرادة "القادر" إياه...
بل أكثر من ذلك، يروح البعض الى التذكير بأساليب الادارة التي كانت سائدة في البلاد قبل العام 1943: كان المفوض السامي يحمل مفتاح الحلول لكل القضايا الشائكة... كانت الامور تحلّ وتسير بالشكل المقبول.
المشكلة بدأت عندما استقل اللبنانيون:
خمس عشرة سنة بعد الاحتفال بهذا الحدث، ثورة عام 1958 كادت أن تطيح بالبلاد... وقد سبقتها أحداث سياسية كبيرة قبل حلولها، بست سنوات، يوم سعى الرئيس بشارة الخوري الى التمديد.
سنتان بعدها، محاولة انقلابية فاشلة نظّمها الحزب السوري القومي الاجتماعي.
بعد العام 1968، بدأت السلطة اللبنانية تتراخى أمام العنصر الجديد في الساحة الداخلية: المقاومة الفلسطينية، ليبدأ تعرّض لبنان كساحة صراع: إسرائيل تدمر أسطول طائرات الميدل إيست على أرض المطار، لينشب صراع مسلّح مفتوح بين الجيش والميليشيات الفلسطينية، حتى كان "اتفاق القاهرة" و التسليم المباشر من الدولة بالتخلي عن سلطتها وحقها على ارضها، فصارت السيادة في الجنوب والداخل، مشاعاً لمنظمة التحرير، وصارت التسمية "فتح لاند".
كان ذلك في العام 1969.
في السبعينات، زادت نسبة التدهور وتعمّق الشعور الطائفي، تحوّل لبنان ساحة الانطلاق لكافة عمليات الفدائيين الفلسطينيين: خطف طائرات، حضور مسلّح علني في الشوارع، حواجز تدقيق...
1973: عملية فردان حيث تمت تصفية اسرائيلية لثلاثة قادة فلسطينيين.
1975: بذور التباعد أثمرت حرباً داخلية في لبنان. مسلسل استمر حرقاً وقتلاً وتخريباً، حتى كانت عملية اغتيال السفير الاسرائيلي شلومو ارغوف في 6 حزيران 1982 في لندن....
إجتاحت إسرائيل لبنان، طوّقت بيروت، طردت منظمة التحرير، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة انبثق منها حزب الله، ثم كان الصراع في المنطقة الشرقية والوصول الى اتفاق الطائف ومآثره، ودخول لبنان كلّه تحت المظلّة السورية.
هكذا صارت سيرة وطننا، باتت مواعيد الازمات فيه متقاربة بل متّصلة، رغماً عن أن اللبنانيين شهدوا فترات ازدهار اقتصادي حتمتّها ظروفٌ داخلية واقليمية...
الا أن وطأة ما يعيشونه اليوم لا تقاس بما قاسوه من أزمات، لعلّ من هذه القسوة تنبع خشية وليد جنبلاط الذي يعبّر صراحة عن خوفه من الآتي:
فهل سيكون للآتي علاقة بما سبق؟
بمعنى آخر، هل تكون فترة الاستقرار السياسي التي حققها الفرنسي، ثمّ ضبطها السوري، سبيلاً الى التفكير بما هو مماثل؟
هل ان من ضبط الفلسطيني مرة، وتم تكليفه لاحقًا ضبط الساحة اللبنانية لفترة طويلة، يمكن أن يكون أحد مفاتيح طمأنة الخليج و الغرب من خلال تكليفه ضبط الممانعين... إذا تم الاتفاق الاميركي- الايراني؟
للبحث صلة!