كريم حسامي
تنتقل الأمور في لبنان بسرعة جنونية من مكان إلى آخر في ظل التدهور الكبير في الأوضاع والعجز عن إيجاد حلول أو بالأحرى عدم وجود إرادة لإيجادها.
بعد فشل فرنسا في إجبار القوى السياسية اللبنانية على إجراء الإصلاحات عبر تأليف حكومة أوّلاً خلال نصف سنة، بسبب تعنّت الولايات المتحدة وإيران عن الاستجابة لهذه المحاولات كل لسببه في ظل الصراع الأميركي الإيراني الكبير والواسع في الشرق الأوسط، بدأنا نرى ملامح تغيير في اتجاه الأمور لا ينذر بالخير أبداً عبر التالي:
أولاً، بروز اقتراحات لامساك الحيش بالسلطة تترافق مع إصرار أميركي على دعمه عبر مشروع في الكونغرس لتقديم 60 مليون دولار لدعمه وزيارة قائد القوات الخاصة في القيادة الوسطى الأميركية، العميد البحري فرانك برادلي، لبنان وجال على قيادة فوج التدخل الأول في طرابلس وقاعدة حامات الجوية.
وفي السياق، أرسل المغرب، الذي طبّع مع إسرائيل، مساعدة لافتة للجيش والعراق فعل الأمر نفسه، في وقت أن رئيس الجمهورية رفض فكرة تسليم السلطة للجيش، لذلك من المستبعد أن يحصل هذا السيناريو لأنه سيُعتبر بمثابة انقلاب عسكري لا يمكن للجيش أن يتحملّه ضد رئيس البلاد، إنّما الفكرة تُعبر عن مدى الانهيار الذي بلغناه.
ثانياً، اشتداد الحصار السياسي الخليجي التي تقوده السعودية على لبنان، وهذه المرة عبر حرمانه من مورد مهم لاقتصاده المتمثلة في المنتجات الزراعية المصدرة الى الخليج، تحت حجّة تهريب المخدرات.
للتذكير فقط: ماذا عن المرات السابقة التي ضبطت فيها السعودية المخدرات من لبنان؟ وماذا عن الأمير السعودي المعروف باسم "أمير الكبتاغون" الذي أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان حكماً بسجنه ستّ سنوات بعد توقيفه لثلاث سنوات ونصف، هل قطعَ لبنان علاقاته مع السعودية جراء هذا الحادث؟ أو أوقف استيراد أي من بضائعها؟ بالتأكيد لا لأنه بلد ضعيف جداً من دون سيادة وكل الدول تنكل به.
ثالثاً، استهداف مسيرة اسرائيلية لسفينة لبنانية بالخطأ بدلاً من سفينة تحمل شحنة إيرانية ورسم إسرائيل خريطة جديدة للمتوسط ردا على المطالب اللبنانية العالية السقف.
رابعاً، تقارير عن توجه مسؤولين اسرائيليين إلى واشنطن للبحث في الاتفاق النووي فضلا عن تحضير ملف حربي عن لبنان.
خامساً، والأهمّ، بدأ رفع الدعم عن السلع الاساسية وسيكون الأمر أقسى بعد رمضان مع توقّع الدوائر الأجنبية اندلاع احداث امنية لا يمكن للقوى الامنية والجيش السيطرة عليها لانها هي ايضا تحت رحم رفع الدعم وتداعياته، اضافة الى توقف البنوك المراسلة correspondent bank عن التعامل مع المصارف اللبنانية.
إلى ذلك، إنّ المفاوضات مع ايران ستسغرق وقتاً يمتد حتّى أيلول وحتّى العام المقبل، أما ولاية رئيس الجمهورية، فتنتهي بعد نحو العام، لكن الوضع ينهار بسرعة يومياً ولا نملك ترف الوقت، لذلك يجب ربط الأحزمة والتحضير للآتي.
فمظاهر الانهيار التي نراها في الفترة الأخيرة من ارتفاع جنوني في الأسعار وازدياد التضخّم وتدّني مستوى المعيشي إلى حدّ كارثي ما أدّى إلى ارتفاع نسبة الفقر والجوع والعوز، فضلاً عن انحلال الدولة وبنية البلد التحتية وهو ما نلمسه على الأرض، ما يدفع لمزيد من السرقات ويدفع الناس أن "تاكل بعضها".
هذا السيناريو الذي يحدث حالياً سيزيد وقعه 100 مرة في الايام والاشهر وحتّى السنوات المقبلة، ونشهد الانهيار الكامل.
والمؤسف ان معظم الشعب واكثريته غير مكترث لما يحصل وهذا يمكن رؤيته عند النزول إلى شوارع العاصمة خلال النهار والليل في كل المناطق، شاملاُ كل الطبقات الاجتماعية، وكأن لا انهيار وهذا ما يؤكد ان الشعب لن يكون السبب في التغيير لكنه ينتظر الإعصار ليضربه حتى يدرك مصيره.
أخيراً وٍليس آخرا، هل يتم إنقاذ الوضع قليلا عبر البطاقة التموينية أو ضخّ مبلغ من المال في الاقتصاد اللبناني لتفادي السيناريو الأسوا؟