الإعلامي د. كريستيان أوسّي
لا يتوانى شخص مرموقٌ على الصعيد الاقتصادي عن الإشارة الى عدم تفاؤله بالمطلق من النتائج التي يمكن ان تفضي اليها الحركة الديبلوماسية الدولية الواضحة حيال لبنان، والتي برزت في خلال الايام الاخيرة من خلال سلسلة زيارات الى بيروت وعدد من التصريحات الأممية في شأن ما يمر به هذا الوطن.
تقول هذه الشخصية ان هناك بوناً شاسعاً بين ذهنية المسؤولين في البلد والبعد الذي تهدف اليه بعض الاهتمامات الخارجية، خصوصاً من قبل الفرنسيين والمصريين والأوروبيين والخليجيين وسواهم... فالمحليون، في رأيه، لا يملكون الرؤيا المستقبلية بل يحصرون كل همّهم في نطاقهم هم، لناحية صون مصالحهم وحضورهم السياسي وطموحاتهم الفئوية، وهذا ما لا يستقيم مع الغاية التي يريد البعض من اهل الخارج تحقيقها في مجال ارساء القاعدة الاساس للمباشرة بخطة إنقاذ الوطن.
في اعتقاد هذه الشخصية أنّ هذا يعني، بصريح العبارة، أنّ الأمل بالخلاص يخفت، فيما نتائج التدهور تتسع بشكل يومي وتنعكس بشكر متسارع على كل فئات الشعب اللبناني، وهو ما ينبئ بتوقعات كارثية في المستقبل القريب.
في جلسة مقفلة ضمّت بعض المسؤولين، أجمع الحاضرون على أنّ ما يعيشه لبنان اليوم يشبه مبدأ "التدويل"، وإلا فكيف يمكن تفسير هذه الحركة المكوكية التي رفعت أزمة "الفراغ الحكومي" الى مستوى الاهتمام الدولي الأممي وهو ما أدى الى بعض النتائج التي من شأنها تعميق الانقسام الداخلي؟
يقول بعض المشاركين إنّ البعد الذي ذهبت اليه لقاءات وزير الخارجية المصري سامح شكري مثلاً، في بيروت أوحت الى الفريق الذي تمّ استثناؤه من البرنامج، ان هناك ما يشبه الاستهداف والتطويق والعزل لهذا الفريق، ما يمكن ان يؤدي بشكل مباشر الى تعميق التحالف بين اركان هذه الفئة وتثبيت تشددها في رؤياها السياسية وفي تعاطيها مع مسار الأمور، وهو ما يتزامن بشكل مباشر مع لقاءات فيينا التي ناقشت البرنامج النووي الإيراني والعلاقات مع طهران، ما سينعكس بشكل واضح على اركان الفريق "المستثنى" وامتداداته الخارجية... وهو ما سيظهر أكثر فأكثر في الملف الحكومي، ما يعني استطراداً، المزيد من العقد التي ستعترض التشكيلة الحكومية، أو، في أقل تقدير، إظهار المزيد من التشدد للمحافظة على المكاسب السياسية وعدم التفريط بها.
كل هذا لا يعني بالضرورة أنّ ما يجري هو الحقيقة المطلقة، فلبنان يبقى بلد التسويات: الانتخابات الرئاسية لم تقم الا بتسوية، كذلك كان تشكيل الحكومات. وأي حكومة مستقبلاً لن تبصر النور الا اذا امكن التوصل الى تسوية، والتسوية يمكن ان تشمل، ببساطة، التوافق الضمني على رفع الملفات الخلافية الى الرفّ، وقد يكون من بين هذه الملفات:
التدقيق الجنائي، سلاح حزب الله، التطبيع، ترسيم الحدود البحرية شمالاً وجنوباً، الوجود السوري للنازحين، وسواها....
وفي انتظار هذه التسوية، او عدمها، سيظلّ لبنان واللبنانيون يتأرجحون.... بين السيء والأسوأ!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا