"الدقيق الذي يستعمل في إنتاج الخبز في المغرب لا يصلح حتى كعلف للبهائم"، هذا ما صرح به الكاتب العام للفدرالية المغربية لأرباب المخابز والحلويات، قائلا "الدقيق الذي تنتجه المطاحن يستعمل في بلدان أخرى في تغذية الدجاج والمواشي".
وتابع القيري أن أصحاب المخابز في المغرب يضطرون إلى إضافة مكونات أخرى إلى عجين الخبز، من أجل الرفع من جودة هذه المادة الرئيسية على موائد المغاربة.
واستند المتحدث في تعليل طرحه هذا، على تصريحات سابقة لوزير الشؤون العامة والحكامة الراحل محمد الوفا داخل قبة البرلمان، عندما أشار إلى ترويج عدد من المطاحن لدقيق وصفه بـ"الفاسد والرديء".
وأثارت تصريحات الكاتب العام للفدرالية المغربية لأرباب المخابز والحلويات، جدلا واسعا بين المغاربة، وموجة غضب عارمة وسط مهنيي قطاع المطاحن والمخابز في المغرب، والذين استنكروا تلك الخرجة الاعلامية، معتبرين بأنها تستهدف المساس بصورة القطاع وسمعته، ومشيرين إلى الجهود المبذولة من أجل مراقبة جودة الدقيق المقدم للمستهلك المغربي.
وردا على هذه التصريحات المثيرة للجدل، يرى حسين أزاز، رئيس الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أنها لا تمثل سوى صاحبها، محملا إياه المسؤولية الأخلاقية والمهنية في ذلك.
وأكد أزاز أن "المطاحن المغربية تلتزم بشكل كامل باحترام دفتر التحملات، ويتم إنتاج الدقيق في ظروف جيدة جدا، بتنسيق مع المكتب الوطني للحبوب والقطاني والمكتب الوطني للسلامة الصحية، الذي يسهر على احترام معايير الجودة ورصد كل المخالفات التي من شأنها أن تضر بصحة المواطن".
ويرى المتحدث، بأن "تصريحات المسؤول المهنيي، تغرد خارج السرب في غياب أي دليل على أقواله، التي من شأنها تغليط المستهلك وتشويه سمعة القطاع".
ويشير إلى أن جميع أكياس الدقيق سواء اللين أو الصلب، تحمل خاتم الاعتماد الصحي الذي يؤكد سلامة وجودة المنتوج الموجه للمغاربة"، كما يؤكد أن إنتاج هذه المادة يمر عبر مراحل محددة ويخضع لموصفات دقيقة.
بدوره رفض مولاي عبد القادر العلوي، رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن بالمغرب، التصريحات المشككة في جودة الدقيق الذي يتم إنتاجه في المطاحن المغربية والموجه لصناعة الخبز، وأكد أن تواجد 138 مطحنة، و هو عدد المطاحن الموزعة عبر ربوع المملكة، يجعل المنافسة شرسة في ما بينها، مما يضطرها للاستثمار في الجودة، في ظل تواجد عدد كبير من العلامات داخل الأسواق، تتيح للمستهلك فرصا متعددة لاختيار ما يناسب أذواقه عند اقتناءه للدقيق.
وأوضح المتحدث في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن مهنيي هذا القطاع يحرصون على استيراد أجود أنواع الحبوب، التي تتوفر على قيمة غذائية عالية، وتخضع لاختبارات عديدة قبل وصولها إلى المغرب، من قبل هيئات ومؤسسات دولية متخصصة في مراقبة الجودة، وهي جودة تضاهي ما يتم استهلاكه في الدول المصدرة.
كما لا يمكن تفريغ تلك المواد والولوج بها إلى التراب الوطني، حسب العلوي، إلا بعد حصولها على إذن من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية، الذي يقوم بأخذ عيينات وفحصها للتأكيد من مدى مطابقتها لشروط السلامة الصحية.
ويضيف المتحدث أن المطاحن وبعد توصلها بحبوب القمح المستورد، تقوم بدورها بإجراء تحليل سريع لعينات منها، داخل مختبرات خاصة ويإشراف من متخصصين في الجودة.
وبعد ذلك، يشير المسؤول في قطاع المطاحن في المغرب، إلى أنه يتم تخزين القمح داخل المطحنة بعد تنظيفه من الشوائب، ثم إخضاعه لعملية التمشيط لإزالة الغبار وغسله لأكثر من مرة، قبل نقله للسحق و طرحه في الأسواق.
ويلفت العلوي إلى أهمية انتباه المستهلك إلى تاريخ انتهاء صلاحية الدقيق المدون على الأكياس، واتباع ارشادات حفظ هذه المادة، من أجل تفادي تلفها.
وطرح هذا النقاش والتراشق بالكلمات بين مهنيي هذا قطاع، حول مدى مطابقة الدقيق في المغرب لمعايير الجودة والسلامة الصحية، العديد من التساؤلات لدى المغاربة حول جودة مادة الخبز التي يستهلكونها بشكل يومي.
وفي خضم هذا الجدل طالب وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بالمغرب، بإجراء تحقيق شامل ودقيق من طرف السلطات المختصة، بغية تحديد المسؤوليات، ومحسابة المخالفين للقانون.
ودعا المتحدث في تصريح لـ"سكاء نيوز عربية" إلى "ضرورة التأكد من صحة التصريحات التي تصف الخبز الذي يستهلكه المغاربة، بعلف للبهائم، عبر إجراء اختبارات توفر معطيات علمية، تبث مدى صحة احتواء الدقيق على مواد ضارة بصحة الإنسان".
واعتبر مديح أن "وصف تلك المادة الأساسية المهمة لدى المغاربة، بغذاء البهائم والمواشي، هو تمثيل خطير جدا، يرتبط بالأمن الغذائي للمستهلك المغربي، ويسائل دور الجهات العمومية في التدخل لحسم هذا الجدل، وطمأنة المستهلك على جودة وسلامة المواد الاستهلاكية الأساسية المعروضة في الأسواق".