عمر البردان
كل الأبواب موصدة أمام عملية تأليف الحكومة العالقة بين شروط رئيس الجمهورية ميشال عون، وإصرار الرئيس المكلف سعد الحريري على التمسك بحكومة من 18 وزيراً، لا يكون ثلثها المعطل مع أي فريق، حرصاً على تفعيل عملها، كما يطالب المجتمع الدولي الذي يريد حكومة فاعلة وموثوقة، تستجيب للبرنامج الإصلاحي الذي نصت عليه المبادرة الفرنسية، وتجنباً لإمكانية تحول الحكومة في مرحلة لاحقة إلى حلبة للصراعات السياسية بين مكوناتها، في حال حصل الرئيس عون وفريقه السياسي، أو غيرهما على الثلث المعطل.
إزاء هذه الصورة القاتمة، هل هناك إمكانية للخروج من النفق؟، وهل ما زال بالإمكان توقع ولادة حكومة قادرة على الإنقاذ، قبل الانهيار المحتم الذي تحدث عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري في الجلسة التشريعية أمس؟
يجيب عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب وهبي قاطيشا، بالقول ل»اللواء»، إن « الأزمة بالغة الخطورة، فهناك من يريد تشكيل حكومة، وهناك من لا يريد»، مضيفاً : «هناك من يريد ربط مصير البلد في غير مكانه الطبيعي». ويذهب أبعد من ذلك، في التأكيد على أن « هذه المنظومة هي سبب البلاء وليس بإمكانها إنقاذ البلد مما يتخبط فيه، باعتبار أنها تتحمل مسؤولية الانهيار، ولذلك فهي أعجز من أن تتولى إنقاذه، ما يعني ضرورة تغييرها بأكملها».
ويشير قاطيشا، إلى أنه «حتى لو تشكلت حكومة فلن يكون بمقدورها أن تفعل شيئاً، وليس أدل على ذلك ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي اعتبر أنه لو تشكلت حكومة مستقلة فلن تعمر طويلاً، ما يعني أن الرجل يريد حكومة سياسية أو تكنو سياسية، وهذا يعني العودة إلى ما كنا عليه، أي نحو الانهيار والفساد ونهب المال. ومن هنا كان مطلب «القوات» في الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة للتخلص من هذه المنظومة، كي يقول الشعب كلمته».
واعتبر قاطيشا، أن «كل الذين يعارضون إجراء الانتخابات المبكرة، إنما يريدون بقاء الوضع على ما هو عليه، باعتبار أن لا إنقاذ للبلد مما يتخبط فيه، إلا بالسير إلى الانتخابات المبكرة، من أجل أن يقول الشعب كلمته»، مشدداً على أن «المكتوب يقرأ من عنوانه وهو أن العهد لا يريد الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة الجديدة، بعدما كان الرئيس عون وعشية الاستشارات الملزمة حذر النواب، وما تلا ذلك من إساءات وجهها رئيس الجمهورية للرئيس المكلف، وهذا أمر مخالف للدستور، لأنه لا يمكن لأي رئيس جمهورية أن لا يقبل بمن كلفته الغالبية النيابية تأليف الحكومة».
وفيما صدرت دعوات لاستقالة نواب المعارضة، يشير نائب «القوات»، إلى أنه «في حال استقال نواب المعارضة فإن ذلك سيجبر الفريق الآخر على إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكن إذا استقال نواب «القوات» وحدهم، فهذا لا يكفي وسيدفع فريق السلطة إلى أن يأخذ مجده، وينفذ ما يريد، وهذا لن نقبل به»، مؤكداً أن «الرئيس القوي هو الذي يتحاور مع الجميع، ويأخذ برحابة صدر الانتقادات التي يتعرض إليها، ويبدي استعداده للعمل من أجل حل كل المشكلات التي يواجهها البلد والناس، لا أن يسلك طريق العناد ويفرض شروطه، أو أن يتصرف على طريقة «القذافي» والآخرين».
ويكشف قاطيشا، أن «حركة الدبلوماسيين العرب والأجانب، غايتها إيصال رسالة إلى المسؤولين بأن لبنان صار في خطر، وأنه سيغرق إذا لم تبادروا إلى إنقاذه، على ما قاله الرئيس بري في الجلسة التشريعية، وهو كلام تؤيده «القوات»، بعد الصورة القاتمة التي وضع رئيس المجلس في أجوائها من قبل العديد من هؤلاء السفراء الذين زاروه في الأيام الماضية، بعدما بدا بوضوح أن إيران ترهن الوضع في لبنان لتفاوض عليه مع الأميركيين، وبعبارة أوضح تريد بيع الورقة اللبنانية لتقبض ثمنها من الأميركيين والدول الكبرى».
ويرى، أن «الابتزاز في ملف الكهرباء سيستمر من قبل الفريق الممسك بالقطاع، حتى يستلمه فريق آخر موثوق يرد فعلاً تحسين وضع التيار وتأمين التغذية بشكل دائم، بعدما ضاق اللبنانيون ذرعاً بكل الممارسات التي كانت تحصل في السنوات الماضية على صعيد الكهرباء التي كانت تفوح منها روائح الفساد والصفقات». ولا يخفي قاطيشا القول أن لديه «هواجس أمنية لأن البلد على كف عفريت، توازياً مع انهيارات على كل المستويات، وهذا أمر طبيعي لأن يدفعك للخوف على الأمن في البلد».