ولم تشهد عطلة نهاية الاسبوع في قصر بعبدا سوى لقاءات محدودة لتقويم النتائج التي قادت اليها تطورات الساعات القليلة الماضية، حيث تمّ التوصل الى إقتناع بأنّ الامور باتت تتوقف على الجواب الذي سيحمله الحريري اليوم الى رئيس الجمهورية، رداً على اسئلة طرحها عليه في لقائهما الخميس الماضي.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية»، انّ الحريري «بات مطوقاً من اكثر من جهة، بعدما بات مطلوباً منه ان يسمّي وزيري «حزب الله» بموافقة الحزب، كما طالبه رئيس الجمهورية في لقاء الخميس الماضي، لانّه يريد منه ان يقدّم له اليوم تشكيلة كاملة، تجمع طريقة توزيع الحقائب واسماء الوزراء من مختلف الطوائف، بما فيها الموافقات المناسبة التي تسمح بإصدار مراسيم تشكيل الحكومة.
وإلى العقدة المتمثلة بإصرار رئيس الجمهورية على الإحتفاظ بالثلث المعطل على قاعدة (5 +1+1) ونيله حقيبة وزارة العدل وتسمية وزير الداخلية، لفتت المصادر المطلعة نفسها، الى انّ امام الحريري عقبة جديدة تتمثل بخسارته بعد ظهر السبت الماضي حليفاً اساسياً هو جنبلاط، الذي «سحب نفسه» من المواجهة التي كانت قائمة «إن كان له اي دور فيها»، وأبلغ الى رئيس الجمهورية ببساطة، أنّه يشجع على التسوية التي تنهي النقاش حول كون الحكومة من 18 وزيراً او 20 او 22 وربما 24 وزيراً، وان كان هو سبباً في هذه المواجهة، فهو يعلن انسحابه منها، لأنّ البلاد باتت لا تتحمّل مثل هذا النقاش.
ولفت جنبلاط في لقائه مع رئيس الجمهورية، الى أنّ أمن البلد بات على المحك، والأزمة الاقتصادية والنقدية لم تعد تحتمل مثل هذه التجاذبات، وانّ الجوع دخل الى البيوت ولم يعد ممكناً الصمود في مثل هذه الظروف الصعبة. لافتاً الى حجم الإهمال الدولي الغربي والعربي لملف لبنان، فلكل دولة أولويات اخرى، وما عليها سوى التعبير عن خوفها على مستقبل لبنان واللبنانيين.
الحريري: هم من يعيشون العزلة
وفي «بيت الوسط»، خيّمت اجواء نقيضة لتلك السائدة في قصر بعبدا. وقالت مصادره لـ»الجمهورية»: «انّ الحديث عن العزلة التي يعيشها ليس دقيقاً، لكن الآخرين هم من يعيشون العزلة. وانّ من يتمنّى تنازلات مطلوبة من الحريري ومشروع اعتذار يعدّ له كما تسرّب عبر بعض المواقع الالكترونية وتعليقات مسؤولين من احزاب مختلفة، هو مجرد هذيان سياسي، ينمّ عن رغبات البعض وتمنياته، ولكنه لا يقارب الحقيقة بشيء».
واضافت هذه المصادر: «انّ حديث بعض الاوساط عن تطويق الحريري ليس في محله، فهو متسلّح بالتكليف النيابي وماضٍ في المهمّة ومواقفه ثابتة لا تتغيّر بين ليلة وضحاها، وانّه حان أوان أن يكشف الآخرون عن مواقفهم».
وسألت المصادر بصوت عال: «أليس من الضروري ان كانوا على مواقفهم الاخيرة ثابتين، ان يعلنوا صراحة انتهاء المبادرة الفرنسية ودفنها؟ وأليس من المصلحة الاعتراف انّهم يقودون البلاد الى مزيد من الحصار المالي والإقتصادي والنقدي والسياسي بعد الديبلوماسي؟ أليس ضرورياً الإعتراف انّهم يقودون البلاد الى حيث لا يريد اي لبناني ان تصل؟». وعن مصير لقاء اليوم قالت المصادر لـ «الجمهورية»، انّ «الحريري سيزور بعبدا إن لم يلغ عون الموعد».
الخليلان في «بيت الوسط»
على صعيد آخر، اكّدت مصادر معنية بالتأليف الحكومي لـ «الجمهورية»، انّ ممثلي الثنائي الشيعي النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل زارا الحريري بعيد الخطاب الاخير للامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، في سعي لتفسير ما تضمنه حول حكومة الإختصاصيين والحكومة التكنوسياسية. وقالت هذه المصادر، إنّ الحريري لم يتقبّل التفسيرات التي قدّمها له الخليلان، ولفت الى مخاطر كل ما يثير الفتنة ويزيد من نسبة الاحتقان الشعبي، في ضوء ما بلغته الأزمة النقدية والاقتصادية، متسائلاً عن المدى الذي يمكن ان يتحمّله البلد. ولم يبدِ اي تراجع عن نظرته الى الحكومة في شكلها ومضمونها.