ليلى عقيقي
كانت الورود تزين عيدها والأغاني الجميلة تعلو لتملأ القلوب فرحا بوجودها... كنا نعيدها بأجمل الكلمات وكانت ضحكتها تكفي كي تنبت الزهور في دفء ربيعها...
وحرارة الحب في عينيها، تلك الحرارة التي تشعل لهيب الحنان في القلوب... وما بالك بالجبال التي لطالما حملتها على كتفيها لتظهر جبروتها...
"ماما"... كلمة تختصر العالم بأسره ولكن! هذه السنة في بلادي لم تشهد الأم في عيدها الا الألم والدموع والحرقة والخسارة... كم اما حرمت من ان تسمع صوت ابنها قادما من بعيد حاملا الورود لينادي لها "ماما" فتشعر انها ملكت الدنيا!
هذا العام انفجار ٤ آب حرم أمهات لبنان من ابنائهن... هذا الانفجار فرق الأم عن الدنيا بعد ان جمعتهما مئات السنوات بعبارة واحدة!
نعم، هكذا تكافأ الأم في بلادي... تربي وتطعم وتلبس وتسهر ثم وبلحظة يخطفون ابنها من حضنها... يسلخونه عن قلبها ويقولون لها "افتخري به فابنك شهيد على مذبح الوطن"!
بئسا لكم ولعباراتكم الواهية ولفرحكم الزائف!
كيف تنامون مساء وفي منازلنا أمهات تحتضن وسادات أبنائها علها تشتم ما بقي من رائحته فيها!
صدقوني ان ابواب السماء مفتوحة وآذان الرب صاغية وتسمع كل دعوة تطلقها ام من قلبها المحروق الذي دفن في تابوت ابيض بالقرب من ابنها!
وبين النعوش البيضاء وأثواب الأمهات السوداء في بلادي قصة لا تجد لخواتيمها منفذا!
توقفوا عن تصريحاتكم لأنها لن تعيد الأموات ولن تنعش الأرواح التي رحلت.
كيف سننسى صرخة تلك الوالدة التي وقفت أمام المرفأ تصرخ لابنها وتقول لعنصر قوى الأمن: "تركني فوت فتش عليه تركني صرخلو يمكن اذا سمع صوتي يرجع"!
كيف ستخرج من رؤوسنا اصوات امهات مفجوعات صرخن بأعلا صوتهن "وين رحت وتركتني يا امي"!
ولكل ام تلوح لابنها من هنا عله يراها من السماء أقول: هو الآن في مكان أجمل... هناك ما من عنابر ولا مرافئ ولا دولة مهترئة ولا انظمة فاسدة... هناك، فوق ترتاح الارواح بسلام في جوار الرب الذي يمهل ولا يهمل... ستنصفكن عدالة السماء يوما... وحتى تأتي تلك اللحظة: ينعاد عليكي يا ام الكل!