حصاد الاثنين
حصاد الاثنين

خاص - Saturday, March 20, 2021 7:13:00 AM

الاعلامي د. كريستيان أوسي


كثيرة هي السيناريوهات المطروحة حيال الازمة المعّقدة التي يعيشها اللبنانيون ووطنهم، وغالبيتها لا يوحي إلا بالسواد والعتمة والحائط المسدود.

أكثر من هذه الطروحات، تلك التحليلات التي تملأ صفحات الصحف وتحتلّ شاشات التلفزيون وأثير الاذاعات و الفضاء الافتراضي الاعلامي، حتى ليُخيَّل الى من يشاهد او يقرأ او يستمع، أنّ البلاد وصلت الى القعر الذي لا خروج منه.

كل الكلام يدور على الوضع الاقتصادي المتردي والانعكاس المميت الذي يتسببُ به على قطاعات عريضة من الشعب، بات يتهدّدُها الفَقرُ والجوعُ والعَوَز، فيما الفئةُ الغالبةُ من الشبابِ لا تسعى إلاّ الى الهجرةِ، أَمَلاً في العثور على فرصةٍ جديدةٍ يُمْكِنُ من خِلالها بناءُ المستقبل الذي باتوا يفتقدونَه في وطنهم.

الواضحُ أن اللِقاء الذي شهده قصر بعبدا بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، أول من أمس، عكس بما لا يقبلُ الشكَ الوضعَ المأزومَ الذي وصلت إليه القيادات، وتحديداً الرئاستين الأولى، والثالثة، في ما خَصَّ تشكيلَ الحكومةِ الجديدة، فَظَهَرَ المعنيون عاجزين أمام شعبهم، مكبّلين بطروحاتهم التي لم تعبَأ بتعبِ الناس ووجعِهِم وخوفهِمِ، وقد فقدوا أموالَهم ومدخراتِهم، ووظائفَهم ومستقبل أبنائهم، في دولةٍ مُفلسَةٍ نَخَرَها الفساد الذي سرق طاقاتها وتسبّب في دمار العاصمة، ولم ينجح في تأمين الكهرباء بل يصرّ على الإبقاء على مسلسل فقدان البنزين ودوام التهريب والحفاظ على المعابر غير الشرعية... والأهم أنَّ الدولة بمفهومها السياسي أوجدت الارضَ الخصبةَ لزعزعةِ الأمنِ وبدايةِ فلتان يتهدّدنا بما هو اكثر.

هذا الوضعُ المأساوي هو ما دَفَعَ بالمعنيين بتشكيل الحكومة، اي الرئيسين عون والحريري، الى الرضوخ لمطالب كثيرة خارجية (من موسكو وباريس) - قبل أن تكون داخلية – للّقاء، وطرحِ نقاطٍ قد تَصْلَحُ لتكونَ مشتركةً تُسهّل ولادةَ حكومة...

مِن كل التحليلات والدراساتٍ والسيناريوهات، هناك من يُصِّرُ على القولِ إنّ موضوع النازحين السوريين، وإيقاظ بعض الخلايا الارهابية النائمة، وإحتمال إنفجار الوضع الامني ولو عبر الحدود، كلُّها مسائلَ شائكة تعكّر على المعنيين بشؤون الشرق الاوسط صفاءَهُم، ذلك أنّ سقوط المداميك نهائياً في لبنان، يشجَّعُ على تفعيل عمل خلايا داعش التي عادت الى التحرك مجدداً في بعض مناطق سوريا والعراق، ويهدّد لإنتقالها الى لبنان. وهو يشعل التوتر ويوسع رقعة النار وسيتسبّب في إيقاظِ رغبةِ جزءٍ كبير من النازحين بمغادرة البلاد والتوجّه صوب أوروبا بطرق غير شرعية.

إزاء هَولِ هذه الصورة، تظهر اللاحكمة اللبنانية في الادارة، وهو ما ظهر بشكل جلّي وواضح عند الممسكين بالمسؤولية الذين لم تؤثّر فيهم مفاعيلُ السقوط المدّوي لكل شيء، ولم تحثُهم على التحرّك وابتداع الحلول أمَلاً في إرساءِ حلٍ إنقاذي، او أقلَّهُ التوافقُ على حلٍ يوقفُ مسيرةَ الانحدار نحو النهاية.

في هذه الأجواء، يترقب اللبنانيون ما سيتمخّض عنه اجتماع بعد غدٍ في بعبدا، وقد سبقته الكثير من المواقف الحادة.

...فهل سيأتي حصادُ الاثنين قمحاً، أم سيتركنا فريسة للزؤان؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني