كتبت عزة الحاج حسن في المدن:
لم يكن تسريب خبر رفع أسعار المحروقات 5000 ليرة اليوم "بريئاً". فالمسرّبون هم من أهل القطاع، وأكثر العارفين بالزيادات على أسعار المحروقات خلال الأسابيع القليلة المقبلة. فالتسريب لم يكن سوى لامتصاص نقمة المواطن تدريجياً، خصوصاً أن ما تم تسريبه عن ارتفاع سعر صفيحة البنزين 5000 ليرة لم يكن دقيقاً، وأن الزيادة التي أقرت اليوم ليست سوى نصف الحقيقة. وإليكم كامل الحقيقة وما سيحلّ بالبنزين والمازوت قريباً.
روّج القيّمون على قطاع المحروقات خلال الساعات الماضية بأن اجتماعاً سيعقد بين وزارة والطاقة والشركات المستوردة للنفط وممثلو المحطات، وغيرهم من المعنيين بقطاع المحروقات، لاتخاذ القرار بشأن الزيادة التي ستطرأ على المحروقات قبل صدور جدول تركيب الأسعار. لكن بالواقع، فإن المعنيين بالقطاع اتفقوا يوم أمس بعيداً عن الأعين على أمرين. الأول، يقضي برفع سعر صرف الدولار المعتمد من قبل الشركات المستوردة. والثاني، التمهيد لخفض نسبة الدعم على المحروقات. والأمران من شأنهما أن يرفعا أسعار المحروقات بأكثر من 15000 ليرة خلال أسبوعين.
ارتفاع أولي للمحروقات
فيما يتعلّق بموضوع اتفاق الأمس، وهو رفع سعر صرف الدولار المعتمد من قبل الشركات المستوردة للنفط، فهذا الأمر هو ما دفع بالمحروقات اليوم إلى ارتفاع أسعارها. ويعود حسب مصدر من القطاع في حديث إلى "المدن"، لكون الشركات المستوردة للنفط ترفض تقاضي نسبة الـ10 في المئة المفروض تغطيتها بالدولار (وهي فارق الدعم) وفق سعر صرف 10 آلاف ليرة من المحطات والموزعين، وتصرّ على احتسابها وفق سعر صرف 14 ألف ليرة للدولار. ولأن سعر الصرف 14000 ليرة جوبه بالرفض، ارتأى المجتمعون احتساب سعر صرف الدولار وفق 12 ألف ليرة. بمعنى أن الشركات ستستوفي نسبة الـ10 في المئة التي تتكلّفها بالدولار وفق سعر صرف 12 ألف ليرة من المحطات. وهو ما دفع إلى تحميل الفارق إلى المستهلك النهائي أي المواطن.
من هنا أقرت الزيادة الأولية اليوم على المحروقات كالآتي: 3300 ليرة زيادة على صفيحة المازوت لتصبح 27700 ليرة، و4100 ليرة على صفيحة البنزين 95 أوكتان لتصبح 38900، و4200 ليرة على صفيحة البنزين 98 أوكتان لتصبح 40000، مسجلة بذلك سعراً قياسياً.
زيادات متلاحقة
وللتوضيح فإن هذه الزيادات تعكس أمرين. الأول، ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً. والثاني، ارتفاع سعر صرف الدولار محلياً، وترجمته في اتفاق بين الشركات المستوردة ووزارة الطاقة، ومعهم باقي أركان قطاع المحروقات. لكنها لا تشمل بالضرورة خفض نسبة الدعم على المحروقات. ووفق مصدر مطلع، فإن خفض نسبة الدعم على المحروقات من 90 في المئة إلى 85 في المئة لم تُقر حتى اللحظة. لكنها لم تعد مُستبعدة، ومن المتوقع أن يتم إقرار خفض الدعم بنسبة 5 في المئة على المحروقات مع بداية الشهر المقبل. فكم سترتفع أسعار المحروقات فيما لو تراجعت نسبة الدعم إلى 85 في المئة؟
الارتفاع الكبير
يتّجه مصرف لبنان بالتشاور مع وزارة المال إلى خفض نسبة الدعم على المحروقات قريباً بنسبة 5 في المئة، من 90 في المئة حالياً إلى 85 في المئة. ومن المرجّح إقرار خفض الدعم خلال أسابيع قليلة. وهو ما أكده وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، مؤخراً.
وحسب المتحدث باسم نقابة اصحاب المحطات في لبنان، جورج البراكس، في حديث إلى "المدن"، فإنه عند خفض الدعم 5 في المئة سيرتفع سعر صفيحة البنزين بنحو 11000 ليرة دفعة واحدة بالحد الأدنى. ما يعني أنه في حال خفض الدعم على المحروقات نهاية الشهر الحالي من 90 في المئة إلى 85 في المئة، سيُصبح سعر صفيحة البنزين نحو 55000 ليرة.
ويلفت المصدر إلى خطورة خفض نسبة الدعم على المحروقات في المرحلة الراهنة، في ظل ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، وتسارع صعود الدولار محلياً. هذان العاملان كفيلان برفع أسعار المحروقات بشكل كبير. أما خفض الدعم، فسيقضي على القدرة الشرائية للمواطن اللبناني لارتفاع أسعار البنزين إلى 55000 ليرة بالحد الأدنى ومعها المازوت، وما يرتبط بهاتين المادتين من مواد صناعية وغذائية وغيرها. ما يعني أن الارتفاع سينعكس جنوناً في أسعار المواد الاستهلاكية في المرحلة المقبلة.