كريم حسامي
بعد تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول الخليجية، يحاول رئيس الوزراء الاسرائيلي الاستفادة من ذلك لبلده وله شخصياً.
وهناك تطورين لافتين للانتباه ذو وجهين:
أوّلاً، رفض ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد استقبال نتنياهو قبل الانتخابات، وذلك للمرة الرابعة في غضون أشهر قليلة منذ كانون الثاني الماضي.
ويتذرع نتنياهو بأسباب عديدة لتبرير عدم القيام بهذه الزيارة، من العيد الوطني الاماراتي إلى قيود كورونا وصولاً إلى الاشكال مع الطرف الأردني وعبور صواريخ المجال الجوي السعودي.
غير أنّ الأمور توضّحت مع الوقت على أنّ اليسار الأميركي غاضب من نتنياهو ويمنع الخليجيين من استقباله، من الاماراتيين والسعوديين.
بعض المعادلات بدأت تتغير مع وصول بايدن الى البيت الابيض الذي قرّر حرف مسار العلاقات مع الإماراتيين عبر وقف صفقة "اف-35" ووقف دعم عمليات التحالف السعودي في اليمن توازياً مع نشر تقرير الاستخبارات الاميركية حول مقتل خاشقجي الذي يتهم بن سلمان به عقب اتصال بايدن بالملك السعودي بدلا من ولي عهده، غير ان الضغوط الاسرائيلية منعت معاقبته لدور الرياض المحوري في المنطقة ضد ايران.
لذلك، وهمَ نتنياهو الرأي العام أنّ الأردن منعته من زيارة الإمارات وهو أمر مستبعد جدّاً لأنّ تل أبيب هي التي تتحكّم بمفاصل العلاقة الأردنية-الإسرائيلية وآخرها تزويد عمان بالغاز الاسرائيلي وبالتالي من المستبعد ان يكون لدى الاردن النفوذ الكافي لمنع هذه الزيارة وحتى لو منعته، يمكنه تغيير مسار الرحلة.
لكن التطور الثاني الخطير يتمثل في:
منع ولي العهد الاردن الحسين بن عبدالله من زيارة القدس المحتلة والصلاة في المسجد الاقصى في ليلة الاسراء والمعراج، وهي رسالة خطيرة جدا للاردن.
والرسالة مفادها ان الوصاية الهاشمية على الاماكن المقدسة انتهت أو باطلة ولم يعد لها وجود، فضلاً عن القول إننا كاسرائيليين ويهود من نتحكم بالمسجد الأقصى ونُقرر من يزورها، اي ان المدينة أصبحت يهودية وجزء من دولة إسرائيل.
هذه التطورات تأتي بعد التوصل لاتفاق التطبيع بين الامارات واسرائيل الذي قلب التوازنات الإقليمية ضد عمان على مستويات عدة، بينها العسكري حين رفض الرئيس الاميركي دونالد ترامب تلبية احتياجات الأردن الاقتصادية والعسكرية في مقابل اعطاء الامارات صفقة مهمة جداً.
كيف للأردن السكوت عن هذا التجاوز؟ إذا كان ولي العهد الأردني غير مسموح له الصلاة في المسجد الأقصى حينما يريد، فمن مسموح له؟ شعوب الدول المطبّعة فقط؟
من جهة أخرى، أتت المفاجأة أنه بعد تأجيل الزيارة، قدّمت الامارات لاسرائيل صندوق استثماري بقيمة عشرة مليارات دولار وكأنه تعويض على عدم تنفيذ الزيارة لأبو ظبي.
وتؤكد مصادر ديبوماسية موثوقة ان "الامارات لم تستمثر "في عمرها" هذا المبلغ الضخم في أي مشاريع في أي دولة عربية خلال 40 عاما، وهذا ما أخذه نتنياهو قبل الانتخابات للاستثمار في شركات اسرائيلية وتطوير الاقتصاد الاسرائيلي ودعمه". وأصافت: "ما كان من الأحرى تطوير اقتصادات الدول العربية بهذا المبلغ ومساعدتها على الخروج من ازماتها كلبنان والعراق لأننا أولى من إسرائيل، أليس كذلك؟ فحتى لو تتغير السياسات في المنطقة (بين الامارات-مصر-السعودية وتركيا مثلاً)، هذه القرارات تؤكد وجوب إعادة النظر في العلاقات بين الدول لأن أولوية الخليج أصبحت تمتين العلاقة مع إسرائيل".