مريض الكورونا في لبنان يشعر بالذنب والعار والخوف... " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"!
مريض الكورونا في لبنان يشعر بالذنب والعار والخوف... " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"!

خاص - Saturday, March 14, 2020 7:05:00 AM

يمرّ اللبنانيون اليوم بمرحلة دقيقة في حياتهم، اذ انّهم يواجهون كسائر العالم فيروس كورونا لأوّل مرة. يتخبّط اللبناني بخطواته، تارة يقرّر الذهاب الى عمله لتأمين لقمة عيشه، وتارة يقرّر حجر نفسه خوفا على صحّته. هذا الإضطراب الذي ضرب مجتمعنا، تجلّى بمظاهر عديدة، سواء بسلوك الناس، او حتى في تغريدات غزت مواقع التواصل الاجتماعي التي اصبحت المنفس الوحيد لهم بفعل حملات "خليك بالبيت" خوفا وقلقا من الفيروس "الغامض" بالنسبة للعامّة.
يرى المعالج النفسي والاخصائي في علم النفس، الدكتور طوني صوما، في حديث لموقع VDLnews انّ "ردود فعل اللبنانيين متفاوتة بشأن الكورونا، فهناك اشخاص يعيشون في الخوف وتكون ردات فعلهم مبنية عليه من دون اي تحليل منطقي، كون الفيروس حالة جديدة على لبنان والعالم، وهناك اشخاص يتصرفون بوعي اكثر ويبحثون لإستكشاف المرض والتعرف اليه".

اللبناني غير مسؤول اجتماعيا!؟
يعتبر الدكتور صوما انّ "استهتار المواطن اللبناني مع بداية ظهور الكورونا في لبنان وعدم امتثاله للاجراءات الصادرة من قبل المسؤولين، مرتبط بشخصيته الاجتماعية، فجزء منها يرجع الى جهل اللبناني للمعلومات المتعلقة بماهية الفيروس كونه جديد ومستجد، كما انّ اللبناني في تكوين هذه الشخصية، لا يشعر بالمسؤولية الاجتماعية بشكل عام"؛ مضيفا انّ "اللبناني يعتقد انّه بمعزل عن الاحداث، وانّه بعيد عن ايّ مشكلة، وبشكل عام ليس لدينا مفهوم للمواطنة".
ويتابع صوما بأنّ "اللبناني سمع بالكورونا في كلّ انحاء العالم ولم يتخيّل ان الفيروس سيصل اليه ويكون قريبا منه الى هذه الدرجة، لذلك، نسبة الخوف لدى الشعب اللبناني زادت عندما بدأ الاعلان عن ضحايا ووفيات الكورونا".

الخوف يؤثّر على جهاز المناعة
يؤكّد المعالج النفسي طوني صوما انّ "الخوف يؤثّر على جهاز المناعة لدى الانسان، فهو يفعّل في دماغنا قسم يعرف بـ"Système limbique" ايّ الجهاز الحوفي وهو القسم المسؤول عن الانفعالات والمشاعر والسلوك؛ وعندما يعمل هذا الجهاز، يعمل معه جزء من "Système nerveux sympathique" ايّ الجهاز العصبي الودي، وينتج من خلال هذا التفاعل في الجسم ما يعرف بالهرمونات القشرية السكرية "Glucocorticoïde" التي ان بقيت كثيرا فستأثّر سلبا على جهاز المناعة".
ويشرح صوما انّه "وفي حال طال هذا الانكماش في الجسم بفعل القلق والخوف، يتعب الانسان وعندها نسبة قليلة من الاندرينالين تعمل، لكن لا يمكن القول انّ الخوف يسبب المرض، او يسبب التقاط العدوى، انّما من يعاني من الخوف كثيرا و"نفسيته تعبانة" ستتأثر قدرته على تحمّل المرض".

مريض الكورونا يشعر بالذنب والعار
يشير الدكتور صوما الى انّه "وبسبب تداول الاخبار عن الفيروس بكثرة بين الناس، اصبح الانسان ينظر الى الكورونا كأنه امر معيب، واصبح مريض الكورونا وعائلته يشعرون بالكثير من الذنب، والعار والخوف، مع الاشارة الى انّ الشخص الذي تسبّب بالعدوى لغيره يشعر بالذنب اكثر من متلقي الفيروس". ويضيف صوما: "لكل هذه الاسباب، الخوف يجعل الناس تخبّئ العوارض التي تظهر عليهم، بحيث يتجاهلها حتى يصل به الحال الى اعلى مستوى من عوارض الفيروس، حتى انّ البعض لا يُفرج لطبيبه عن هذه الظواهر، وكثيرة مثل هذه الحالات نلاحظها مؤخرا في المستشفيات".
ويشدّد على وجوب القول للناس اليوم انّ الكورونا ليس عيبا، بل العيب يكمن في تخبئة العوارض وعدم الافصاح عنها.

لبنان لديه القدرة على السيطرة على "الكورونا"!
يلفت الدكتور صوما الى انّ "المواضيع المتعلقة بالأمن الصحي والاجتماعي لا يجب تسييسها وهذا للأسف ما حصل بموضوع المتعلق بالكورونا"، متابعا انّه "بشكل عام في مثل هذه الازمات، يُعطى للمسؤولين التفاصيل والاساليب التي يجب ان يصرّحوا بها، فمثلا في فرنسا بالرغم من كل الوفيات التي سقطت جراء فيروس كورونا لم تعلن الدولة حالة الطوارئ وهذا الوضع مشابه قليلا للبنان، لأنّ في حال لو اعلنتها فكانت ستسبب المزيد من الهلع والخوف في صفوف المواطنين".
ويعتبر صوما انّ "المشكلة في لبنان، هي بأن الثقة مفقودة بين الدولة والمسؤولين من جهة والمواطنين من جهة اخرى، بالرغم من انّ لدينا كل المؤهلات في القطاع الطبي والصحّي، ولدينا القدرة على السيطرة على المرض؛ ويجب ان يكون هناك مسؤولية اكبر من كلّ الاطراف في هذا الوقت الصعب سواء المواطنين او المسؤولين او حتى الاعلام لكي لا يقع التجييش والتسييس في الازمة كما يحصل في الآونة الاخيرة".

اذا اليوم، ليس الوقت لتصفية الحسابات، ولا لكشف النوايا او فضحها. الوقت ليس للتهديد بمقاضاة احد، او تحميل المسؤوليات. الكورونا لا يعرف احدا ولا يفرّق بين الطوائف. الكورونا لا يحمل جنسية ايرانية ولا ايطالية ولا صينية. اتركوا تغريداتكم ليوم انتصار لبنان على الفيروس. مرضى الكورونا وعائلاتهم لا ينتظرون منكم سوى الدعاء والرحمة لا الاتهامات. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني