غادة حلاوي
يبدأ اليوم وفد "حزب الله" زيارته الى روسيا. تلك الزيارة التي تتضمن جدول اعمال حافلاً باللقاءات. حيث سيخوض الطرفان نقاشاً استراتيجياً بعيد الأمد لن يقتصر على القضية اللبنانية وموضوع تشكيل الحكومة بل ستحتل قضايا المنطقة من سوريا الى اليمن والعراق حيزاً واسعاً من البحث.
وكشفت مصادر معنية بالتحضير للزيارة ان لقاءات وفد "حزب الله" ستشمل الى كبار المسؤولين الروس شخصيات دولية رفيعة، لتؤكد اهمية الزيارة ونتائجها والتي تشكل بداية حوار مهم حول قضايا لبنان ربطاً بقضايا المنطقة. كل الاهتمام مصوب نحو اليمن ومدينة مأرب التي يشكل اسقاطها بيد الحوثيين، إن حصل، مؤشراً مهماً لمسار التطورات على مستوى العلاقة الايرانية الاميركية والموقف السعودي. وربطاً بملفات المنطقة وزيارة "حزب الله" الى روسيا فان الحكومة والمساعي المتعلقة بتشكيلها لن تنضج قبل جلاء المشهد الاقليمي ونتائج زيارة "حزب الله" ولقاءاته المهمة هناك.
وقد تبين من سياق التطورت الخطيرة والتدهور الذي شهدته البلاد خلال اليومين الماضيين ان قدرة المبادرة باتت معدومة داخلياً عند كل الاطراف. بسرعة مريبة، ينزلق لبنان نحو انهيار لم يشهد له مثيلاً حتى في زمن الحرب. وعلى ما تظهره الوقائع والتطورات فان هذا البلد لم يزل رغم كل ما يعانيه على عتبه النفق المظلم ولم يدخله بعد وان الآتي اعظم. وبناء على سير المداولات فبات احتمال ان لا حكومة حتى نهاية العهد اقرب الى الواقع طالما ان الوجهة الخارجية لم تتضح بعد.
وخلال الساعات الماضية تم تداول صيغ مبادرات كثيرة بينها ان الرئيس المكلف سعد الحريري ابلغ المعنيين ان عدم نيل ثقة تكتل "لبنان القوي" الذي يرأسه النائب جبران باسيل، يعني تقليص حصة رئيس الجمهورية ميشال عون من خمسة وزراء الى ثلاثة، مبادرة ثانية طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري تمّ الحديث عنها وتقضي بالعودة الى خيار 18 وزيراً، على ان يأخذ على عاتقه طرح مجموعة اسماء مرشحة لحقيبة الداخلية ليتم الاختيار من بينها، كما تردد ان"حزب الله" عمل على خط عين التينة - بعبدا للبحث في مخارج للأزمة ليتبين ان "حزب الله" لم يقم بأي زيارات الى بعبدا او غيرها، وان لا مبادرات ولا اتصالات حصلت مؤخراً ولا جديد يمكن التفاؤل به والبناء عليه. وبالمقابل نفت مصادر بعبدا ان يكون رئيس الجمهورية قد تلقى مبادرة من الرئيس بري وقالت ان بري لم يقدم ولم نرفض، وأكدت ان صيغة حكومة من 18 وزيراً صارت من الماضي لتجزم ان عون سهل امر تشكيل الحكومة لآخر درجة وان لا تساهل بعد اليوم.
وليس بعيداً عن هذه الاجواء ما تم استعراضه خلال اجتماع رئيس الحزب "الاشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس الحزب "الديموقراطي" طلال ارسلان، والذي كان هدفه الاساس انهاء ملف قبرشمون نهائياً من دون ان يعني ان الملف الحكومي لم يحتل حيزاً من البحث. حيث أعاد جنبلاط التأكيد على ضرورة تشكيل الحكومة بمعزل عن عدد الوزراء لانقاذ البلد، والتقى مع ارسلان على ان المحاولات الحاصلة تصطدم بالفشل مستعرضين سوية اسباب التعطيل ومسبباته.
هناك من يعتبر من خصوم الحريري أنّ "صمته دليل وصوله إلى مأزق، ولو اراد تشكيل الحكومة لفعل منذ تكليفه، لكن ارتباطه العضوي بالمملكة السعودية التي تقاطعه ولا تعتبر نفسها معنية بوصوله بات مربكاً ويتسبب بالضرر".
لكن أبعد من الاسباب المحلية فالعين على ملف اليمن والسباق بين المفاوضات والمواجهة العسكرية واحتمالات سقوط مأرب، لا سيما اذا صح ما يتداوله فريق الممانعة عن ربط الموضوع اليمني بعودة المملكة العربية السعودية لمساعدة لبنان، والا فسيكون متعذراً مساعدتها في الحلحلة وسيكون الاشتباك مع "حزب الله" أشد وأقوى. وسنكون امام لعبة عض اصابع والاضعف من يصرخ اولاً وقد لا يكون "حزب الله" المنهك، فرغم الازمة المالية والاقتصادية التي باتت تؤرق الاحزاب داخل بيئتهم يواصل "حزب الله" توسعة شبكة المستفيدين من مساعداته للعوائل الفقيرة والمحتاجة، والتي لا تقتصر على ابناء الطائفة الشيعية وتتجاوز منطقته وتقدر اعداد بطاقات المساعدات، التي وزعها لغاية اليوم على شريحة واسعة من اللبنانيين بعشرات الآلاف، وهي تؤمن لهم حسم 50 بالمئة من قيمة مشترياتهم عدا عن مساعدات اخرى. وبالمقابل دخل "حزب الله" طرفاً اساسياً في المفاوضات الدولية حول ملفات المنطقة، فهل سيعود من روسيا بنتائج تخدم الحريري بالافراج عن حكومته؟