بسام الربيع
اليوم الذكرى السادسة عشرة على ولادة تحالف سياسي أطلق عليه "14 آذار” أو ما يعرف بـ”ثورة الأرز”، والذي أسس له اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث تمكن من اخراج الجيش السوري من لبنان.
سنة بعد سنة تهاوت ثوابت 14 آذار حتى فرغت من أساسياتها، بعدما هرول افرقاؤها خلف مصالحهم الضيقة طمعاً في السلطة، بأيديهم دفنوا الحلف الذي وضع اللبنانيون امالهم عليه، واليوم ينعاه قادته ويمشون في جنازته وكأنه ليس هم من طعنوه في مقتله.
التحالف لم يستمر طويلاً، إذ سقطت التحالفات، وانقسمت الجماهير، واول من دق اسفيناً في نعش "١٤ اذار" كان وليد جنبلاط باعلانه خروجه منه بعد أحداث 7 ايار وانتخابات 2009، حين قال جنبلاط، إن "فريق 14 آذار لم يخض معركة ذات مضمون سياسي"، وإن "معركتنا كانت قائمة على رفض الآخر ومن موقع مذهبي وقبلي وسياسي".
تصدّع بنيان "١٤ آذار" بخروج جنبلاط، لتأتي الضربة الثانية له من "تيار المستقبل" ورئيسه سعد الحريري، الذي وافق على التسوية الرئاسية مع "حزب الله" حيث أوصل ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وربط النزاع مع الحزب، مقابل حصوله على كرسي رئاسة الحكومة.
انكسار وراء انكسار، فمن الحلف الرباعي عام 2005، الذي أنشئ مؤقتاً بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة امل وحزب الله، لينفرط عقده بسرعة بعد الانتخابات النيابية، الى الحلف الخماسي الذي خطف لبنان من مفاهيمه وموقعه الطبيعي، هذا الحلف الذي رأى النور يوم تمّ توقيع ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وحركة امل ووليد جنبلاط وسعد الحريري، خاضوا الانتخابات النيابية سوية، حيث اقصى سعد حينها القوات اللبنانية والكتائب، كل ذلك بسبب اغراءات "حزب الله" له بالسلطة.
رضوخ سعد الحريري الى "حزب الله" يعود إلى يوم إعلانه من أمام المحكمة الدولية، فصل السياسة اللبنانية عن المحكمة وعن أعمالها وما سيصدر عنها، فقد رضي سعد الحريري بالبقاء في الساحة السياسية، في مقابل التخلي عن خيار مواجهة "حزب الله".
قبل سنوات كانت "ثورة مليونية"، فلن ينسى اللبنانيون اليوم الكبير الذي كتبوه في بيروت رفضا للوصاية السورية وطلبا للحرية والسيادة والاستقلال، اليوم الذي كسروا فيه حواجز الخوف والانتماءات ليغزوا الساحات، لتغيب بعدها المناسبة عن المشهد السياسي وإن حضرت افتراضيا من خلال المواقف التويترية التي تحولت الى "فلكور" لا اكثر.
سرعان ما تحولت ذكرى "١٤ آذار" الى مجرّد اجتماعات بين أربعة جدران، لتستمر في الانحدار لاسيما مع تراجع اهتمام "جمهورها" بها، بعد أن خذلته قياداتها مع تقديمها التنازل السياسي تلو الآخر، بهدف ضمان حصة لها في تركيبة السلطة التي لم تُحسن استخدامها حتى أوصلت الشعب الى ما هو عليه اليوم.
كثيرة هي المحطات التي دق فيها اطراف " ١٤ اذار" اسفيناً تلو الاخر في نعش التحالف، واليوم بعد ان قتلوه ها هم يمشون في جنازته!