لم يرتكب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المعصية عندما طرح عقد مؤتمر دولي بشأن لبنان برعاية الأمم المتحدة، ولكن معارضيه الذين لا يملكون أي حل للأزمة اللبنانية فتحوا النار عليه لأن مؤتمراً كهذا سينزع سيطرتهم عن البلد وسيساهم بازدهاره وتطوره وهو ما لا يريدونه.
ليست الأمم المتحدة بعيدة عن الشؤون اللبنانية بل هي ضالعة بقوة فيها ولا سيما في العقدين الأخيرين، فمجلس الأمن التابع لهذه المنظمة هو الذي أصدر القرار 1559 وهو الذي أقر إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان وهو الذي أصدر القرار 1701، والأمم المتحدة هي التي تلعب دور التواصل بين أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان، وكل هذه الأمور ولا سيما القرارات الدولية التي لها علاقة بلبنان قد حصلت من دون أي فيتو في مجلس الأمن، ما يعني أن دول الشرق والغرب لم تعترض عليها ومن ضمنها الصين وروسيا اللتان ترى فيهما قوى الممانعة بديلاً عن الغرب، من دون أي خطوة عملية رسمية من هاتين الدولتين تترجم ما يردده الممانعون من شائعات وأوهام، عن استعداد هاتين الدولتين للمساعدة في كل المجالات ومجاناً.
في لبنان هناك ناظر للأمم المتحدة او منسق لهذه المنظمة الدولية يتولى الإشراف وتقييم تطبيق القرارين الدوليين 1559 و1701، وبناء على تقييمه يصدر الأمين العام، بعد نقاش في مجلس الأمن للتقارير، عن تطبيق هذين القرارين، كما أن هذا الناظر والمنسق يناقش مع المسؤولين اللبنانيين كل المسائل اللبنانية ويسدي إليهم النصح، حتى أنه ينتقدهم بشدة كما كان يفعل يان كوبيتش ولا سيما لجهة عدم تنفيذ الإصلاحات الموعودة.
كان ينقص لبنان وبعدما فقد دعم كل دول العالم المتقدم والمتحضر، أن يخسر أيضاً دعم الأمم المتحدة، وواضح أن نظرية الممانعين تقوم على اننا أرض جهاد وحرب وأن الهدوء والسلام والازدهار في البلد تخلق نوعاً من التراخي في الاستنفار العسكري والتحفيز على القتال، فهذا المجتمع الممانع يجب أن يبقى في حال جهوزية عسكرية تامة لمواجهات في الداخل والخارج، ولذلك فإن عوامل التوتر في لبنان والمنطقة يجب أن تبقى موجودة وأن تتخذ بالفعل طابعاً مذهبياً وطائفياً وطابع التهديد الوجودي.
قد يكون هذا المؤتمر الدولي برعاية الأمم المتحدة هو خشبة الخلاص الوحيدة للبنان كي يستعيد دوره وهويته وعافيته الإقتصادية والمالية، وتفويت هكذا فرصة سيودي بنا إلى دولة فاشلة أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من إعلانها وربما من على منبر الأمم المتحدة.