الديار
تختلف التطبيقات فيما بينهما حول وصول الدولار الواحد إلى 10 آلاف ليرة، ولكن الأكيد أنه وصل إلى الـ 9900 نهار الثلاثاء، الأمر الذي تسبّب بخروج متظاهرين إلى الطرقات لإقفالها، وكل ذلك على وقع تضارب المعلومات حول الحكومة، بين من يتحدث عن إيجابيات برزت نهاية الأسبوع، ومن يشدد على أن المفاوضات «مكانك راوح».
في كل مرة يتحرك الشارع على ضوء الأسباب الإقتصادية والإجتماعية، لا سيما مع الإرتفاع المستمر في سعر صرف الدولار، تطرح الكثير من الأسئلة حول ما إذا كان هناك أسباب سياسية وراء هذا الأمر، خصوصاً أنه في معظم الأحيان لا يكون هناك أي سبب اقتصادي لهذا الإرتفاع.
في الوقت الراهن حاول محلّلون الحديث عن أن السبب الرئيسي لارتفاع سعر صرف الدولار يكمن بسعي العديد من المصارف إلى سحب كميات من الدولارات من الأسواق، بالتزامن مع أسباب أخرى تتعلق بإعادة فتح البلد بعد فترة من الإغلاق التام بسبب إجراءات مكافحة فيروس كورونا، إلا أن ذلك لم يحجب الوقائع السياسية عن الواجهة، خاصّة أن اتهام المصارف بلمّ الدولار من السوق هو اتهام غير منطقي، لأن المصارف أمنت الدولارات قبل شهر شباط، وحجم ما كان مطلوب منها يفوق بكثير حجم السوق السوداء في لبنان.
إذا، لا بد من البحث عن الأسباب السياسية، بظل ما يُحكى عن بوادر إيجابية في الملف الحكومي ستظهر تباعاً في شهر آذار الحالي، ولكن هناك أيضاً من يتحدث عن العكس تماماً، إذ تشير بعض الأوساط في التيار الوطني الحر، عبر «الديار»، إلى أن هناك من يريد تحريك الشارع، من قبل كل من تيار «المستقبل» و»الحزب التقدمي الإشتراكي» و»حركة أمل»، من أجل الضغط على مستوى الملف الحكومي، وبالتالي دفع رئيس الجمهورية إلى تقديم تنازلات، بالتزامن مع أهداف أخرى متعلقة بالواقع على الساحة المسيحية بعد المشهد الذي كان حاضراً في بكركي يوم السبت الماضي.
هذه الرؤية، لا تبتعد عن الأجواء التي لدى حزب الله، حيث الحديث عن أن هناك من يريد إعادة تحريك الشارع في سياق رفع مستوى الضغوط، مع ربطه بالإشارة إلى مشهد بكركي أيضاً وطرح تدويل الأزمة عبر الدعوة إلى مؤتمر دولي لمناقشة الأزمة اللبنانية، خصوصاً أن ليس هناك من أسباب حقيقية لهذا الإرتفاع المستمر في سعر صرف الدولار، وهذه اللعبة سبق أن مورست في الفترة الماضية في أكثر من مناسبة.
بالمقابل، هناك من يعتقد أن اشتداد الأزمة قد يكون مؤشراً لاقتراب الفرج، خصوصاً أن العادة جرت في لبنان أن التسوية تأتي بعد حدث كبير يمهّد الطريق لها، وهذه المرة لن يختلف الحال، فربما يكون الحدث الكبير أمنياً، وربما يكون اقتصادياً واجتماعياً، وربما يكون على شكل فوضى في الشارع.
ينطلق أصحاب هذه النظرية من معطيات تجعل شهر آذار شهراً حاسماً، ففي نيسان، وبحال لم تكن الحكومة قد شُكّلت سيتدهور الوضع بشكل كبير جداً، بدءاً من استحقاق شهر رمضان، مروراً بملف مؤسسة الكهرباء التي باتت على مشارف الإستسلام وإطفاء المعامل، وصولاً إلى خطر «داعش» الذي عاد إلى الحياة في لبنان. لذلك قال أحد المعنيين في مسألة تشكيل الحكومة أنه «بحال لم تُشكل الحكومة هذا الشهر فيمكن القول أن الطبقة السياسية تمارس فعل الإنتحار».