كلمة وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبه في مجلس جامعة الدول العربية:
معالي رئيس الدورة، وزير الخارجية في جمهورية مصر العربية سامح شكري،
أصحاب السمو والمعالي والسّعادة رؤساء الوفود المشاركة،
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط،
إسمحوا لي بدايةً أن أتوجّه بالتهنئة الى الأخوة في الخليج العربي وجمهورية مصر العربية على تحقيق المصالحة مع التنويه بالجهد الخاص لدولة الكويت في دورها الفاعل وعملها الحثيث على رأب الصدع بين الأشقاء العرب. إن في ذلك تعزيز للأمن والاستقرار العربيين في مواجهة التحديات التي يشهدها العالم عمومًا وعالمنا العربي خصوصًا.
كما ننوّه بمبادرة الأخوة في مصر والأردن بالدعوة لهذا الاجتماع الاستثنائي، فهو يأتي في الوقت المناسب نظرًا لأهمية ومحورية القضية الفلسطينية التي تحتاج لتكاتف عربي وموقف موحّد قادر على الدفع باتّجاه حل عادل ودائم وشامل يتيح تحقيق السّلام بعد قيام دولة فلسطين التزامًا بمبدأ الأرض مقابل السّلام، ويكرّس جميع حقوق الشعب الفلسطيني.
أصحاب السموّ والمعالي،
تنعقد هذه الدورة الاستثنائية في ظل متغيرات دولية ومستجدات إقليمية ومواقف بعضها يحمل إشارات متضاربة، الإمر الذي يدفع بنا إلى تكثيف جهودنا المشتركة من أجل إعادة الاعتبار لأولوية القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي والعمل على تأمين التزام المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه تلك القضيّة في مواجهة التعنّت الاسرائيلي المستمر.
إنّ القضيّة الفلسطينيّة معلّقة منذ عقود من دون أي حلّ عادل في الأفق فالحكومات الاسرائيليّة المتعاقبة لم تُبدِ أيّة نيّة صادقة في اتجاه تنفيذ موجباتها عبر الامتثال لقرارات الشرعيّة الدوليّة والأمم والمتحدّة. على العكس من ذلك فإنّ اسرائيل تمعن في تعميق الجرح الفلسطيني النازف عبر سياسات استيطانيّة مرفوضة والاستمرار بمحاصرة الفلسطينيين في انتهاكٍ لأبسط قواعد حقوق الانسان ومن دون أيّ رادع قانوني أو أخلاقي.
ترتدي الأشهر القليلة المقبلة أهمية خاصة حيث ينبغي علينا نحن العرب العمل خلالها بدينامية عالية لكي نتمكّن من إسماع صوتنا بقوة، وضمان التوصّل لحل القضية الفلسطينية. خاصةً وأن الدول الكبرى لا تزال تؤكد نيّتها الدفع نحو تثبيت الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ، ولكن يبقى السؤال: أي استقرار يكون ممكنًا، دون إنهاء الاحتلال وعودة الفلسطينيين وقيام دولتهم المستقلة؟!
ومن الأهميّة بمكان أن أشير إلى المواقف الأخيرة التي عبّر عنها وزير الخارجيّة الأميركي أنطوني بلينكن التي أتت مشجّعة لجهة تأكيده على حلّ الدولتين وتشديده على أهميّة ألّا يقوم أي طرف باتخاذ خطوات تصعّب الوصول لهذا الهدف.
وفي هذا الإطار، يأمل لبنان أن تبادر اللجنة الرباعية إلى تفعيل دورها والدفع قدماً من أجل التوصّل إلى حلٍّ عادل للقضية الفلسطينية.
أصحاب السموّ والمعالي،
يجددّ لبنان التزامه بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها القمة العربية في بيروت عام 2002، وبمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، إضافةً إلى قرارات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ذات الصّلة، مع الإشارة إلى ما يلي:
أوّلًا: التأكيد على حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران 1967، تكون عاصمتها القدس الشرقية، التي نشددّ على احتفاظها بهويّتها العربيّة وعدم القبول بأي تغيير في وضعها القانوني والمادي وايقاف بناء المستوطنات الاسرائيليّة.
ثانيًا: التشديد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرّف، وفي طليعتها حق تقرير المصير بالإضافة الى حقّ العودة ورفض توطين اللاجئين الفلسطينيين تكريسًا لهذا الحق. كما ندعو الأشقّاء العرب الى التأكيد في المحافل الدولية وخلال اللقاءات الثنائية على أهمية الاستمرار بدعم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا)، كي تُبقي على تقديماتها الإنسانية الأساسية تجاه اللاجئين الفلسطينيين بانتظار التوصّل إلى الحلّ الدائم لقضيّتهم.
ثالثًا: لا تزال بعض الأراضي العربية ترزح تحت وطأة الاحتلال، وتعاني من انتهاكات شبه يومية لسيادتها، ما يحتّم مطالبة اسرائيل بالانسحاب من القسم الشمالي من قرية الغجر وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية، والانسحاب الكامل من الجولان السوري حتى خط الرابع من حزيران 1967. بالإضافة الى ايقاف الانتهاكات الاسرائيلية الصارخة للسيادة اللبنانية التي تحصل على وجهٍ شبه يومي برًّا وبحرًا وجوًّا، واستكمال تسليم خرائط الألغام والقنابل العنقودية التي زرعتها.
ختامًا، أصحاب السموّ والمعالي، إنّ تحصين بيتنا العربي وتعزيز أسباب وحدته هو هدفٌ أساس يجب العمل من أجل تحقيقه. وإذ نؤكدّ أن تضامننا العربي وحرصنا على مصالحنا المشتركة تبقى من الركائز الأساسيّة لتحقيق الأمن والازدهار في منطقتنا، ولتحصين بيتنا العربي الواحد وميثاق منظّمتنا الجامعة.
ختامًا، أصحاب السموّ والمعالي، إنّ تحصين بيتنا العربي وتعزيز أسباب وحدته هو هدفٌ أساس يجب العمل من أجل تحقيقه. وإذ نؤكدّ أن تضامننا العربي وحرصنا على مصالحنا المشتركة تبقى من الركائز الأساسيّة لتحقيق الأمن والازدهار في منطقتنا، ولتحصين بيتنا العربي الواحد وميثاق منظّمتنا الجامعة".