ها هو الرابع الدامي من كل شهر يعود، يحمل معه الألم والدموع ليحل في نفوس فقدت الغوالي...
بعد 6 أشهر، لا تزال برودة الموت تخيّم فوق عاصمة خسرت نبضها وخيرة شبابها وقلوب محبيها وصمتت... هذا الصمت الذي امتزج برائحة الموت ودموع أمهات وأبناء وأحباب، دموع تستطيع أن تغرق أمة بأكملها لكنها لم تتمكن من تحريك ضمائر يبّسها الظلم والبطش واللا مبالاة.
ها هو 4 شباط يطل علينا، ليذكرنا أنه منذ 6 أشهر بالتمام والكمال انفجر قلب بيروت وأطاح بالمئات وشرّد الآلاف، ولا يزال أهل الضحايا يترجون القضاء والمسؤولين علّهم يحركون ساكنا ويكشفون حقيقة يبدو أن انتظارها سيطول ويطول ويلاقي النسيان يوما ما.
ولكن كيف نلوم سلطة جوّعت وأفقرت وشردت شعبه على اخفاء حقيقة تدينها... هم جالسون في عليائهم ونحن نفترش الطرقات حيث أهرقت دماء أحبائنا شاخصين ننتظر همسة من تحت الركام، همسة نعرف أنها مستحيلة لكن ما بيدنا الا الانتظار...
رحلت العاصمة ولم يبق منها الا حفنة تراب مغمس بدماء بريئة، وحقائب شباب يهاجرون بحثا عن السلام والمستقبل...
رحلت العاصمة ولم يبق فيها الا الصور المعلقة على السيارات والجدران والأبنية المهدمة...
رحلت بيروت بمن فيها وهم لا يزال شغلهم الشاغل تقاذف المسؤوليات وتقاسم المساعدات والأموال التي استجدوها على دماء أبنائها...
لا تظنوا أنها ستعود يوما، فهي ولو لملمت ركامها وحاولت الوقوف من جديد لن تعود كالسابق وستبقى جراحها محفورة في القلوب...
أخذتم منا كل ما نملك حتى "كمشة الأمل" التي كانت تلمع في عيون شبان وشابات ركضوا ليطفئوا نيران المرفأ فأشعلوا النار في قلوب عائلاتهم.
مرت أعياد ميلادهم من صغيرهم الى كبيرهم ولم تبق لنا الا الصور لنعيّد معها...
مات ناسها وسقطت أبنيتها ودُمر مرفؤها... وفي ذكرى نصف السنة على اغتيالها واغتيالنا جماعيا نقول: لنا دموعنا والحسرة ولكم أنانيتكم وظلمكم ولبيروت الراحلة بأبنائها ألف سلام من قلوب باكية مكسورة لم تلحق بحفل الوداع الأخير!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا