راجانا حمية
أول من أمس، توفي مصاب بفيروس كورونا أمام مستشفى سانت تيريز بعد رفض إدارة المستشفى استقباله لعدم توافر أسرّة. مات الرجل عند باب الطوارئ، بين أيدي مسعفي الصليب الأحمر وهم يحاولون إنعاشه، وعلى أعين الطاقم الطبي والعاملين الذين أكملوا عملهم كأن موتاً لم يحصل أمامهم. كان هذا «تطبيقاً عملياً» لما يحصل أمام أبواب الطوارئ «الخاصة»، حيث «يُقتل» مرضى كثر بسبب حفنة من الليرات. وقد باتت اليوم أكثر رسوخاً مع انتشار فيروس كورونا ورفض معظم المستشفيات الخاصة استقبال المرضى من دون مقابل. لئن كانت وزارة الصحة العامة قد اتخذت قراراً فرضت بموجبه عقاباً فورياً على المستشفى بفسخ العقد معه، إلا أن ذلك لن يكون - على الأرجح - رادعاً للممارسات اللاأخلاقية ولن يغيّر شيئاً في سلوكيات هؤلاء. فيما لا يقابل المعنيون تلك الممارسات بما يناسب من قرارات. جلّ ما يمكن أن تتخذه وزارة الصحة هو فسخ عقود لا يعوّل الكثيرون عليها، فيما المطلوب أكثر من ذلك بكثير. والسؤال هنا: لِمَ لا تبادر الدولة لوضع يدها على بعض المستشفيات الخاصة لتحويلها إلى مستشفيات لمعالجة المصابين بكورونا فقط؟ ولِمَ فرض حالة الطوارئ كلها على البلاد من دون تلك المستشفيات؟
لم يعد الأمر ترفاً. هذا ما يؤكده المتابعون لمسار الوباء في البلاد. العدادات تسير بسرعة جنونية بالبلاد نحو الهاوية، فيما معظم المستشفيات الخاصة مستعدّ لتكرار ما حدث أمام طوارئ السانت تيريز، من دون أن يرف لأصحابها جفن. في مقابل ذلك، وفي ظل عجز وزارة الصحة العامة أمام هؤلاء، تتحمل المستشفيات الحكومية الثمن مضاعفاً، وقد وصلت مؤخراً إلى قدرتها الاستيعابية القصوى. ولهذا، بدأت الوزارة تنفيذ المرحلة الجديدة من الخطة العامة لاستكمال تجهيز المستشفيات الحكومية، باتفاق جديد مع البنك الدولي يقضي بتجهيز 117 سرير عناية فائقة لمرضى كورونا. وبحسب الوزير حمد حسن، يتم تجهيز هذه الأسرة على دفعتين «الأولى خلال عشرة أيام يتم فيها تجهيز 22 سريراً والثانية خلال ثلاثة أسابيع كحدّ أقصى ويتم تجهيز 95 سريراً فيها، بما يرفع العدد الإجمالي لهذه الأسرة في المستشفيات الحكومية إلى 379». وأكد حسن ضرورة حدوث ذلك «ضمن سقف زمني قصير» لمواكبة العدوى في البلاد، والتي وصل عدد المصابين فيها إلى نحو 300 ألف. فأمس وحده، سجل عداد الإصابات 3497 إصابة، العدد الأكبر منها إصابات محلية، و68 وفاة. أما عدد الحالات الحرجة فبلغ 938 إصابة، من بينها 329 حالة على أجهزة التنفس.
ولئن كان عداد الإصابات يشهد استقراراً ضمن «خانة» الثلاثة آلاف إصابة، إلّا أنّ ذلك ليس عامل اطمئنان، خصوصاً مع نسبة إيجابية الفحوص التي تتخطى الـ23% ونسبة الحدوث المحلية التي قاربت 1050 لكل 100 ألف.
لكل هذه الأسباب، «باتت الحاجة ملحة لوصول اللقاح»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي الذي دعا المواطنين لأخذ اللقاح، «بهدف الوصول إلى تلقيح 80% من المقيمين وتحقيق المناعة المجتمعية».
وقد انطلقت أمس المنصة الإلكترونية لتسجيل البيانات للقاح. ولم تكَد تبدأ هذه الأخيرة حتى تهافت الناس على التسجيل، ووصلت النسبة إلى 2000 زائر كل خمس دقائق. وفي هذا الإطار، لفت وزير الصحة، حمد حسن، إلى أن «الإسراع في التسجيل لا يعني الحصول على أولوية التلقيح التي ستعتمد على المعايير التي وضعتها اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح». وأكد أن «العبرة الأساسية في هذه المرحلة تكمن في تطبيق خطة التلقيح كما تم وضعها، وهذا يتطلب التزاماً من كل المؤسسات والإدارات بمبدأ المساواة والعدالة خارج أيّ اعتبار آخر، سياسي أو مناطقي أو طائفي».
من جهتها، لفتت وزيرة الإعلام، منال عبد الصمد، إلى أن «نسبة الإصابات بفيروس كورونا بين القطاعات المنتجة مرتفعة جداً، إذ أن 72% من الإصابات من الفئات المنتجة في المجتمع، أي بين 20 و59 عاماً، وهذا دليل على مدى خطورة الوباء».
وعلى خط اللقاحات، أعلنت الجامعة اللبنانية أنها تعتزم شراء 50 ألف جرعة لقاح لجميع الأساتذة والموظفين الذين ما زالوا في الخدمة والمتقاعدين، والطلاب في الاختصاصات الطبية. وأعلنت أن هذه الجرعات ستكون على «حسابها»، و«من الوفر الناتج عن المشاريع الخارجية الخاصة بفحوص كورونا للقادمين عبر الحدود البرية ومطار رفيق الحريري الدولي التي يقوم بها مختبر الجامعة».