ألان سركيس
بات واضحاً أن فترة التعبئة العامة والإقفال ستطول بعدما وصل الوضع الوبائي إلى حدّ غير مقبول وأظهرت السلطة عجزاً غير مسبوق في مواجهة هذه الأزمة القاتلة.
يؤكد القيمون على القطاع الصحي أن الخوف لم يعد من تكاثر الإصابات وقفزها فوق الخمسة آلاف إصابة يومياً، وليس من إمتلاء المستشفيات بمرضى فيروس "كورونا"، بل من الإرتفاع الكبير في عدد الوفيات وانتشار سلالات جديدة من "كورونا".
وفي التفاصيل، تراقب المستشفيات تطور حالات "كورونا"، وقد وصلت في شهر حزيران الماضي إلى أقل من 10 إصابات يومياً وعدد الوفيات كان منخفضاً، وكان نحو 99 في المئة من المصابين لا يحتاجون دخول المستشفى ويلتزمون الحجْر المنزلي، فيما كانت العوارض خفيفة.
وتبدّل الوضع منذ مطلع تشرين الماضي، إذ إن الإصابات بدأت بالإرتفاع التدريجي وقفزت فوق الألف إصابة من ثمّ إنحدر الوضع بسرعة نحو الكارثة الصحية في كانون الأول، فلم يعد من حلّ أمام السلطات السياسية والصحية إلا الإقفال.
ولم يستطع العاملون في المجال الطبي حتى هذه الساعة تحديد ما إذا كان ما يحصل هو الموجة الثانية من "كورونا" والتمدّد الطبيعي لها أو إنها السلالات الجديدة "المتحوّرة" التي يُحكى عنها والتي إنتشرت في بريطانيا وأوروبا.
وتتميّز موجة "كورونا" الحالية التي تضرب لبنان بأنها أكثر فتكاً من سابقاتها وهي تضرب كل الفئات وتؤثّر على الجميع، والدليل القاطع على هذا الأمر هو ارتفاع نسبة الوفيات بين الفئات الشابة التي لا تعاني من أمراض مستعصية.
وأمام هذا الواقع المأسوي والإهمال الذي تسبّب بتأخير وصول اللقاحات إلى لبنان وتنصّل وزارة الصحة من مسؤولياتها، يتجه لبنان اليوم نحو تمديد فترة الإقفال العام مع ما سيتبع ذلك من مراقبة لتطور الوباء وإذا ما كان الإقفال سيؤتي ثماره أو إن عدد الإصابات والوفيات سيبقى مرتفعاً.
وستكون الأجهزة الأمنية أمام تحديات جديدة في تطبيق الإقفال بنسخته الثانية، كذلك تقع المسؤولية على عاتق الأجهزة الصحية والرقابية الأخرى، لكن الأكيد أن الصرخة الإقتصادية ستتعالى في بلد يعاني من أزمة مالية وإجتماعية شديدة الخطورة.
ولا يوجد حتى الساعة أي خطة حكومية لمواجهة الإقفال ومساعدة المحتاجين، إذ إن كل ما يحكى عن مساعدات يبقى في إطار الكلام ولا تنوي الدولة اللبنانية القيام بأي خطوة تجاه شعبها، في حين أن جهات معروفة تستغل الإقفال لزيادة أنشطة التهريب إلى سوريا واستنزاف ما تبقّى من دولارات في مصرف لبنان.
ويبدو الإرباك واضحاً على الطاقم السياسي الذي لا يواكب معركة "الجيش الأبيض" في التصدّي لخطر "كورونا"، ولولا المساعدات التي تأتي من المغتربين ودعم منظمات دولية للشعب اللبناني لكان الوضع انهار بسرعة أكبر.
وتبقى سياسة الإقفال بحسب الأطباء هي السياسة الأنجح في مواجهة تمدّد "كورونا" بعد العجز الفاضح عن استيراد اللقاحات ووصف الدول الاوروبية هذا التأخير بأنه جريمة بحق الشعب اللبناني، لكن في المقابل فإن الشعب بات على علم بأن لا دولة مسؤولة عنه، بل بالعكس تريد قتله، لذلك يبقى أمل الجسم الطبي بوعي الشعب والتزامه التدابير الوقائية، وعدم السماح لهذا الوباء بالقضاء على ما تبقّى من أمل في النهوض مجدداً.