لاحظت مصادر مصرفية واقتصادية وسياسية متابعة عبر "المركزية" أن الحملة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تتجدد عند كل استحقاق مفصلي على علاقة بإدارة القطاع المصرفي والسير فيه نحو الخروج التدريجي من الأزمة التي أوقعته فيها السياسات الحكومية والصراعات السلطوية.
ففي كل مرة يواجه سلامة الحملات الهادفة الى تغيير الهوية الليبرالية للاقتصاد اللبناني، ويعمل على إنقاذ القطاع المصرفي من محاولات التدمير على خلفية المشروع الهادف الى تغيير هوية لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يعمد المتضررون الى تنظيم حملات تشويه الصورة وتوجيه الاتهامات غير المستدنة الى أية معطيات وإثباتات ودلائل حسية، مستخدمين الإعلام المحلي والخارجي، وبعض الأصوات السياسية المعروفة بتاريخها المشبوه في التبعية لجهات خارجية تسعى للسيطرة على لبنان وابتزاز قدراته وامكاناته الاقتصادية والمالية.
وتربط المصادر المذكورة الحملة الحالية التي تتهم سلامة بتحويل اربعمئة مليون دولار الى حسابات مصرفية تخصه في سويسرا، بالتعميم 154 الذي يلزم كل من حوّل أكثر من خمسمئة الف دولار الى الخارج اعتباراً من تاريخ اول تموز 2017 بأن يعيد ما نسبته 15 بالمئة من قيمة التحويلات الى حساباته في المصارف اللبنانية حيث يتم تجميدها لخمس سنوات، على أن ترتفع النسبة الى 30 بالمئة بالنسبة الى أصحاب المصارف ومساهميها وكبار مديريها. كما تربط بين الحملة الأخيرة على سلامة وبين التعميم الذي يلزم المصارف بزيادة رأسمالها بنسبة عشرين بالمئة، وبتأمين سيولة نسبتها 3 بالمئة من قيمة العملات الأجنبية المودعة لديها، لدى المصارف المراسلة في الخارج قبل نهاية شهر شباط المقبل.
وبحسب المعلومات المتوافرة لدى الجهات الاقتصادية والمصرفية المطلعة فإن عدداً من الأشخاص النافذين المعنيين بالتعميم 154، والمحسوبين على جهات حزبية محلية وإقليمية، وعدداً من المصارف المحسوبة على أركان السلطة، يحاولون التفلت من هذه الموجبات من خلال حملة ابتزاز جديدة تستهدف حاكم البنك المركزي من أجل الحؤول دون اتخاذه أية تدابير في حقهم بموجب التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان.
ومعلوم ان تعاميم مصرف لبنان تنص على أنه في حال عدم قدرة أي من المصارف على رفع رأسماله أو تأمين السيولة المطلوبة لدى المصارف المراسلة في الخارج فإن مصرف لبنان سيضع يده على هذه المصارف التي ستعتبر متعثرة حفاظاً على حقوق المودعين. كما أن مصرف لبنان سيحيل غير الملتزمين باعادة قسم من الأموال التي تم تحويلها الى الخارج، الى لجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان للتثبت من قانونية هذه الأموال ومصادرها وشرعيتها.
من هنا، تشير المصادر الى أن عدداً من المصارف المحسوبة على أركان السلطة ورموزها، وعدداً من الشخصيات التي تولت أو تتولى مناصب رسمية إدارية وسياسية وأمنية، وجد نفسه أمام استحقاق داهم يلزمه بإعادة قسم من الأموال التي سبق أن حولها الى الخارج، وأودعها في المصارف، أو استثمرها على شكل أسهم وحصص في شركات ومصارف عاملة في الخارج، وفي كثير من الأحيان من خلال "أسماء واجهة"، وهو ما لا يبدو سهلاً عليهم في ظل التدابير القاسية التي تتخذها المصارف المركزية الأجنبية للحفاظ على استقرار المصارف، مما سيعرض المصارف المعنية لوضع اليد من قبل مصرف لبنان، والأشخاص المعنيين لفتح ملفاتهم أمام الجهات الرقابية المصرفية والقضائية المعنية.
وتختم: إن لجوء هؤلاء الى حملة جديدة على حاكم مصرف لبنان، لن ينفعهم في الهروب من مواجهة ساعة الحقيقة خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وفي الانتظار ينجلي غبار الحملة الجديدة على مصرف لبنان، وتنكشف اللعبة كما سبق أن انكشفت خلفيات وحقائق الحملات السابقة!