مع انتهاء اليوم الأخير من العام 2020، توقف قلب جميع أبناء الاشرفية لحظة تلقيهم خبر توقف قلب مسعود الأشقر عن الخفقان، جراء تداعيات اصابته بفيروس كورونا اللعين، ونقله بشكل طارئ الى مستشفى رزق في الاشرفية الذي أصبح بصورة مفاجئة محط انظار جميع اللبنانيين، يتصلون ويزورون للاطمئنان الى حبيب قلب الاشرفية، حارسها ونضبها.
كيف ولا يتوقف قلب أبناء الاشرفية، وهم احباب مسعود، باختلاف طوائفهم وآرائهم السياسية وطبقاتهم الاجتماعية، هو الذي يحمل قصص وخبريات مع كل منهم، ولكل منهم حكاية عن "بوسي" النظيف والآدمي.
حوالي العشرة أيام، عاشت فيها عائلة الأشقر الصغيرة الممثلة بزوجته وبناته الأربعة، كما عائلته الكبيرة، حالة قلق وترقب، ينتظرون اعجوبة تعيد إليهم حبيبهم، هم الذين ورغم كل تلك الذكريات الجميلة معه، لم يشبعوا منه، ولن يشبع الوطن من الحاجة لامثال مسعود القلائل...
في ساحة ساسين، نظم التيار الوطني الحر وقفة صلاة واضاءة شموع على نية مسعود، استكملت بمسيرة حاشدة باتجاه مستشفى رزق، انضم اليها العديد من أبناء المنطقة، غير ابهين للاختلافات السياسية مع منظمي النشاط، كيف ولا ومسعود هو عابر للأحزاب، وفي كل حزب محبين له، ومحسوبين عليه.
فهو الاتي من حزب الكتائب اللبنانية، ترك بصمة كبيرة بين مناصريها، لمعاصرته ايقونتها الشهيد بشير الجميل، الذي أسس معه القوات اللبنانية، ليكون احد مؤسسي الجبهة اللبنانية بجانب صديقيه الشهيدين داني شمعون وجبران تويني، أيام تولي العماد ميشال عون الحكومة الانتقالية في أواخر الثمانينات، ليبقى مناصراً لقضية العماد عون، ويعتبر اقرب اليه من كثر من يطلقون على انفسهم عونيون.
في الامس، خطف الموت مسعود الأشقر، هو الذي كان دائماً ينقتل من خطر لخطر دفاعاً عن وطن آمن به، وعن منطقة اعتبرها ابنته الخامسة، وسهر عليها، ولم يبخل يوماً بتقديم كل ما استطاع خدمة لها.
مع رحيل مسعود الأشقر، كثر في لبنان نعوه، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون اعتبر انه فقد صديقاً جمعته به حب الوطن منذ سنوات طويلة، مضيفاً ان لبنان يحتاج اليوم الى امثال الراحل الذي كان مناضلاً وطنياً وسياسياً شريفاً لم يساوم على كرامة لبنان ووحدته واستقراره. ليرحمه الله ويعزي قلوب عائلته ويهب الخلاص للبنان من محنته. اما سياسياً، فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل نعاه قائلاً: "رحت يا "بوسي" وبقيت معنا، رحت وبقيت معك القضية، رحت وبقي علينا نكمّل...نكمّل مع ايمانك وطيبتك وتواضعك وآدميتك ووطنيتك والبسمة الدايمة ع وجهك... وانت اللي من روح هالقضية رح تضلك معنا ..الله يرحمك ونفسك بالسما". تماماً كما فعل رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل الذي نشر صورة له بجانب الراحل مسعود الأشقر، ناعياً صديقه قائلاً: قد نكون خسرناك، لكنّ أحداً لن يخسر ذكراك الطيبة. لن ننسى أبداً نضالك وشجاعتك وتضحياتك فهذه صفات الأبطال. رغم العتب ومشاحنات الاخوة بيننا، لم ننقطع يوماً، فكانت الصداقة والمحبة تنتصران دائماً. رح نشتقلك. وداعاً بوسي. فقط رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم يعر الامر أهمية، ولم يصدر عنه أي بيان او تغريدة.
اليوم خسرت الاشرفية سندها الأول، وخسر كل بيت في الاشرفية ابناً له... لن يستطيع احد ملئ مكان مسعود الأشقر، لكنه سيكون في وجدان كل لبناني شريف وكل آدمي في هذا البلد، وهم قلائل.