قدم القنصل الفخري لجمهورية مدغشقر في لبنان محمد إبراهيم الجوزو ممثلا بالمحامي فادي سعد "طلب تدخل" في المراجعة رقم 24340/2020 تاريخ 21/9/2020، لدى مجلس شورى الدولة بهدف إلغاء قرارمجلس الشورى القاضي بتعليق العمل بالعقد الموحد الجديد للعاملات - العمال في الخدمة المنزلية، الذي كان قد أصدره المجلس بناء على طلب مقدم من اتحاد أصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية، بعد أن كانت وزارة العمل قد تبنته في 8 أيلول 2020.
ومما جاء في طلب التعليق:
أولا: في الوقائع:
1. طالب التدخل هو القنصل الفخري لجمهورية مدغشقر في لبنان وبالنظر لوجود عدد لا بأس به من المواطنين المدغشقريين في لبنان ومن بينهم عدد غير قليل من العاملات/العمال في الخدمة المنزلية، فهو يتولى ـ بحكم مهامه القنصلية ـ ادارة شؤونهم ورعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم، وفي مقدمها الحق في ظروف عمل مأمونة وصحية، وفي أجور عادلة وأجر متساو لقاء العمل المتساوي.
2. تابع المستدعي جهود وزارة العمل المنصرفة الى إقرار عقد عمل موحد يراعي الإعلان المتعلق بحقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه والذي يعتبر بمثابة مرشد للدول في حماية حقوق الإنسان في ما خص غير المواطنين اللبنانيين.
3. وبعد مشاورات مستفيضة أصدرت السيدة وزيرة العمل القرارين رقم 90/1 تاريخ 8/9/2020 المتعلق بعقد العمل الموحد الخاص بالعاملات/ العمال في الخدمة المنزلية،
ورقم 95/1 تاريخ 11/9/2020 المتعلق بتحديد نسب الحسم من راتب العاملات/العمال في الخدمة المنزلية كتقديمات عينية.
4. فور صدور القرارين المشار اليهما تقدمت المستدعية نقابة أصحاب مكاتب إستقدام عاملات المنازل بمراجعة إبطال القرارين،وقد أصدر مجلسكم الموقر قرارا قضى بوقف تنفيذ هذين القرارين، وهو ما أثار قلقا لدى الدول التي لها رعايا من العاملات/ العمال في الخدمة المنزلية التي كانت تعلق آمالا كبيرة على إنصافهم من خلال عقد العمل الذي يضمن حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، الأمر الذي إستدعى تقديم طلب التدخل الحاضر، تأييدا لموقف المستدعى ضدها.
ثانيا: في القانون:
1 ـ في الشكل:
بما ان المراجعة رقم 24340/2020 تاريخ 21/9/2020، ترمي الى إبطال القرارين الصادرين عن معالي السيّدة وزيرة العمل برقم 90/1 تاريخ 8/9/2020 المتعلق بعقد العمل الموحد الخاص بالعاملات/ العمال في الخدمة المنزلية، ورقم 95/1 تاريخ 11/9/2020 المتعلق بتحديد نسب الحسم من راتب العاملات/العمال في الخدمة المنزلية كتقديمات عينية.
وبما ان طالب التدخل هو القنصل الفخري لجمهورية مدغشقر في لبنان، وقد إعتمدته هذه الدولة لحماية مصالح مواطنيها فيه، ولتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين وفقا لمندرجات اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية الموقعة عم 1963 وهي معاهدة دولية تحدد إطار العلاقات القنصلية بين الدول المستقلة وتمنح القناصل بموجب المادة 64 منها الحماية والحصانة وتطبق أحكامها ضمن حدود الإمكان من قبل البعثات الديبلوماسية بالنسبة للقناصل العاملين في السفارات سندا للمادة 70 من الإتفاقية ذاتها، والتي صدقت عليها 177 دولة.
وبما ان طالب التدخل يصبح متضررا بالإنابة عن رعايا مدغشقر من العاملات/ العمال في الخدمة المنزلية في لبنان، نتيجة وقف تنفيذ قراري السيدة وزيرة العمل وتعليق دخولهما حيز التنفيذ وضمان حقوقهم. فتكون الصفة والمصلحة متوفرتين، ويكون طلب التدخل الحاضر، مستوفيا شروطه الشكلية كافة، وبالتالي مقبولا شكلا.
2 - في الأساس:
1. في إفتقار المستدعية للصفة المؤهلة لطلب ابطال قراري وزيرة العمل:
بما انه من الثابت ان المستدعية هي نقابة أصحاب مكاتب إستقدام عاملات المنازل، وهي ليست طرفا في العقد بين العاملة/العامل في الخدمة المنزلية وصاحب العمل، وبالتالي فهي تفتقر الى الصفة لمناقشة العقد مع العاملة/العامل في الخدمة المنزلية او الاعتراض عليه.
وبما ان أصحاب مكاتب إستقدام عاملات المنازل ملزمون بإحترام قوانين الدول التي توفر العمالة في الخدمة المنزلية ولا سيما لجهة شروط إحضارهم الى لبنان وكيفية ضمان حقوقهم، ولم تعترض يوما على أي شرط أو إجراء تتخذه تلك الدول للسماح لأي عاملة أو عامل بالحضور الى لبنان، فيما عمدت العديد من تلك الدول الى عدم السماح لمواطنيها بالعمل على الأراضي اللبنانية قبل إعادة النظر في ظروف وشروط استخدامهم.
لذا، يقتضي رد المراجعة لعدم توفر الصفة لدى المستدعية للتقدم بالمراجعة الحاضرة.
2. في تعارض المراجعة مع إعلان حقوق الانسان للأفراد من غير مواطني البلد:
بما انه من الثابت ان المراجعة الحاضرة تتعارض مع الإعلان المتعلق بحقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه، الذي إعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985، والذي حرص واضعوه على التأكد من أن كفالة الحقوق الأساسية المعترف بها في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان لغير المواطنين أيضا.
وبما أن الاتفاقيات الدولية تنزل منزلة الإلزام بالنسبة للدول الأطراف فيها، الأمر الذي يستلزم أن تكون الدولة ذات الصلة قد قامت بالتصديق أو الانضمام إليها حتى يمكن الزامها بكفالة الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية المعنية.
وبما ان مقدمة الدستور اللبناني قد نصت في الفقرة "ب" منها على ان لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات من دون استثناء.
وبما انه يتضح ان المستدعية ترمي من خلال هذه المراجعة الى تحسين شروطها لجهة تحقيق كسب مادي أكبر حتى ولو كان ذلك على حساب التزامات لبنان في معاهدات دولية وعلى حساب كونه بلد حقوق إنسان.
وبما ان عدم إقدام أي من طرفي العقد على التقدم بأي طعن بالقرارين المذكورين بما يفيد بالرضى والقبول المتبادلين وهما شرط لا بد من توفره لقيام العقد.
لذا، يقتضي رد المراجعة برمتها لتعارضها مع إعلان حقوق الانسان للأفراد من غير مواطني البلد.
3. في تأييد موقف الدولة اللبنانية ـ وزارة العمل:
تأسيسا على ما تقدم، وإذ تبين ان موقف الدولة اللبنانية ـ وزارة العمل متمسك بالقرارين المطعون فيهما لتوافقهما مع مقدمة الدستور اللبناني ومبادىء حقوق الإنسان والتزامات لبنان الدولية من خلال المعاهدات ذات الصلة.
وبما انه تبعا لما تقدم، لا يسع طالب التدخل ـ سندا للمادة 83 من نظام مجلس شورى الدولة ـ سوى تأييد القرارين الصادرين عن معالي السيدة وزيرة العمل لا بل التمسك بهما وضمان تنفيذهما.
4. في وجوب الرجوع عن قرار وقف التنفيذ:
بما انه سبق لمجلسكم الموقر ان أصدر في سياق المراجعة الحاضرة القرار الإعدادي رقم 11/2020 ـ 2021 تاريخ 14/10/2020 الذي قضى بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما.
وبما انه اذا كان هناك من حق جدير بالحماية، فإن الحق الأجدر بتلك الحماية يبقى ما هو متوافق مع الدستور اللبناني وحقوق الإنسان، سيما وان المستدعية تفتش عن كسبٍ مادي ولو على حساب حقوق فئات ضعيفة.
لذا، يقتضي تقرير الرجوع عن قرار وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما للأسباب التي تقدم ذكرها.
5. في وجوب قبول طلب التدخل الحاضر، وتقرير إبلاغ طالب التدخل أوراق المراجعة:
بما ان طلب التدخل الحاضر مسند الى نص المادة 83 من نظام مجلس شورى الدولة، وهو يأتي مؤيدا للقرارين المطلوب إبطالهما.
لذا، يقتضي ـ ضمانا لحسن سير العدالة ـ الترخيص لطالب التدخل بالإطلاع وتبلغ جميع الأوراق المتصلة بمراجعة الإبطال، لإتخاذ الموقف المناسب منها.
وختاما، يطلب طالب التدخل :
1. قبول طلب التدخل شكلا، لإستيفائه الشروط الشكلية كافة.
2. وفي الأساس، إتخاذ القرار بالرجوع عن قرار وقف تنفيذ القرارين المطلوب إبطالهما، ومن ثم رد المراجعة برمتها لعدم صحتها، وعدم جديتها، وعدم قانونيتها كما سبق وأوردناه أعلاه.
3. تضمين المستدعية، الرسوم والمصاريف والأتعاب كافة، ورسم تعاضد القضاة .