خالد أبو شقرا
هل يكون عدم نفي مصرف لبنان المعلومات التي تحدثت عن وقف التحاويل إلى سفارات لبنان في كل من كوبا، فنزويلا، إيران وسوريا بمثابة بطاقة صفراء لـ "الخارجية" بضرورة تخفيض نفقاتها. فبحسب موازنة العام 2019 بلغت كلفة البعثات في الخارج المدرجة في موازنة وزارة الخارجية والمغتربين نحو 129327 مليار ليرة أو ما يعادل 86 مليون دولار. وهو رقم يظهر انه أصبح يشكل تحدياً حقيقياً، خصوصاً في ظل عجز مصرف لبنان عن تمويل "الدولار الطالبي" الذي صدر بقانون عن مجلس النواب وبكلفة سنوية لا تتجاوز 100 مليون دولار.
العقوبات حجة!
الخوف بان يكون التذرع بالعقوبات المفروضة على دول "محور الممانعة" مجرد حجة تخفي وراءها أموراً أعظم. فالحصار الاقتصادي على هذه الدول ليس جديداً، وهو يعود إلى العام 2017 في فنزويلا، وبجزء منه للعام 2006 على إيران حين فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على بنك صادرات إيران، ما منعها من التعامل مع المؤسسات المالية الأميركية، حتى بشكل غير مباشر. وفي سوريا حيث تم إدراج مصرف سوريا المركزي وكيانات تجارية أخرى على لائحة العقوبات من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة الأميركية. أما بالنسبة إلى كوبا فالعقوبات التجارية والمالية عليها تعود إلى العام 1960، أي بعد سنتين فقط من قيام الثورة الكوبية.
بحسب المعلومات فإن وزارة الخارجية طلبت من جميع البعثات الخارجية تخفيض نفقاتها وحصرها بالضروري جداً. فالهم الاساسي يتمحور حول تأمين الرواتب والاجور والمصاريف الملحة من إيجارات ودفع فواتير فقط من دون صرف أي مبالغ على تجديد الفرش أو تمويل واقامة المؤتمرات ونسج العلاقات. وعلى الرغم من كل الصعاب فان مصرف لبنان لم يتوقف عن دفع النفقات الأساسية لكل السفارات بما فيها تلك الواقعة في الدول المعاقبة. حيث عادة ما كان يتم اللجوء إلى تحويل الاموال إلى مصارف في دول مجاورة كحالة إيران مثلاً أو تحويل الاموال باليورو إلى بنوك أوروبية عاملة في هذه الدول، أو حتى أحياناً حمل السفير مبالغ نقدية من لبنان لتمويل احتياجات السفارات.
الدولة وقحة
"خطيئة مصرف لبنان، وتحديداً في الآونة الاخيرة مع بدء الهندسات المالية، كانت محاولته إبقاء الدولة، دولة، علها وعسى تعود وتقف على قدميها"، يقول الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود. "من هنا لا اعتقد ان المركزي سيستعجل في اتخاذ أي إجراء يساهم في ضياع حضور، هيبة ووجود الدولة". بيد ان المشكل هو ان الدولة "وقحة"، بحسب حمود "فهي لا تقوم بادنى واجباتها وتطلب ما لها وأكثر. ومصرف لبنان لم يوقف تاريخياً أي تحويل إلى الخارج بالرغم من العبء الكبير ومعرفة الصغير قبل الكبير، والبعيد قبل القريب.. ان الاحتياطي ليس ملكاً له بل هو للمودعين؛ والذين لسخرية القدر يعجزون عن تحويل جزء من ودائعهم لابنائهم الذين يتعلمون في الخارج بينما الدولة تستمر في الدفع للسفراء والموظفين بالنقد الصعب من حساب المودعين".
النزيف بالدولار مستمر طالما الدولة مقفلة بمفاتيح التعطيل والمقاسمة والتناتش على جيفة الحصص، و"كل يوم سنصحو على عنوان لمشكل جديد وعلى فتح فصل جديد من الازمة" يرى حمود. فالدولارات تتناقص ولن يطول اليوم الذي لن يتبقى شيء من الموجودات بالعملة الاجنبية طالما الحلول المنطقية مغيبة.