"متل ما بيقول المتل: الله لا يعلّقك لا بإيد حكام ولا بإيد حكما". لم يخطئ المثل الشعبي. ثورة المواطنين طالت الحكّام، الجسم السياسي، المصارف، اولئك الذين "يمّصون" دم الشعب وامواله يومياً. ثورة على كلّ سارق "ذي نفوذ"، وعلى كلّ مجرم بحقّ الشعب. ولكن وفي هذا الوقت العسير والصعب، كثيرون آخرون يستفيدون و"يمصّون دم الشعب" هم أيضا في حين أن الواجب الاخلاقي يحتّم عليهم قبل غيرهم الالتفات الى المواطن المحتاج.
ازمة الدولار تتفاعل يومياً، وسعر الصرف إلى ارتفاع دائم؛ ازمة الاستيراد من الخارج بالدولار تكبر، والاسعار "اغلى واغلى".
قد نفهم غلاء اسعار السلع المستوردة، او حتى المواد الاوّلية، إنّما ما لا نفهمه انّ تكون "الاجرة" اغلى، ولاسيما حين يتعلق الامر بالصحة فالسرقة "على عينك يا تاجر"، لن تمرّ.
اتصالات كثيرة وردتنا وشكاوى: "كشفية الحكيم حسب سعر الصرف اليومي!"، "أخد منّي 250 الف كشفية.. قال حسب سعر الصرف"وغيرها... فهل الرحمة باتت امراً مستحيلاً نطلبه؟ هل مات الضمير عند البعض؟ هل انعدمت الاخلاق بالكامل؟
تفاجأ نقيب الاطباء في لبنان شرف ابو شرف، باستغلال بعض الاطباء للازمة الاقتصادية الصعبة لكسب ارباح اضافية. ابو شرف اوضح في حديث لموقع VDLnews انّه ومع بداية الازمة، اصدر تعميماً طلب بموجبه من الاطباء التقيّد بالتعرفة الرسمية، كما الاخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يمرّ به وطننا، مشدداً على رفضه المطلق للمعاينات "الضاربة بالطلوع" والتعريفات الخيالية على حدّ تعبيره.
امّا عن الاجراءات التي ستأخذها النقابة بحقّ الاطباء المخالفين، فأوضح ابو شرف انّ تقديم شكوى بحق الطبيب المخالف يعرّضه للتحويل إلى المجلس التأديبي، داعياً كلّ من يقع في "فخّ الاسعار"، إلى تقديم شكوى. وقال: "انا مستعد أن اتابع الموضوع قضائياً، ومستعد لاحالة كلّ طبيب يخالف التعميم إلى المجلس التأديبي واخذ التدابير اللازمة بحقه".
من جهة اخرى، جدد نقيب الاطباء دعوته إلى الاطباء، للنظر بالظروف الصعبة التي يمرّ بها المواطنون، والتصرّف بانسانية وبضمير تجاه المرضى. وتوّجه اليهم بالقول: "حّكموا ضمائركم وانسانيتكم".
الاكيد انّ ليس الجميع من بين الاطباء معنيا بما يحصل، وانمّا الاقلية المتجرّدة من الانسانية والاخلاق.
وبالرغم من امتعاضه وحزنه على الموضوع، اخبر ابو شرف عن شكوى تقدمت ضدّ أحد الاطباء، لافتاً إلى انّ الاخير احيل إلى المجلس التأديبي. ولم يقبل بتعميم الامر على الجميع، قائلاً: "حرام نظلم الكلّ"، كثيرون بين الاطباء خفّضوا اسعار الكشفية، وكثيرون قدّموا المعاينات مجاناً للمرضى"، معتبراً أنّ النقابة هي مصغّر عن لبنان، ففيها من كلّ الفئات.
لم يخل البلد من "الاوادم" بالرغم من تغلغل السارقين بيننا. هم اقليّة امّا نحن فأكثرية. قدّموا الشكاوى واخبروا عنهم. حاسبوهم وثوروا ضدّهم، علّهم يتعلمون فيتغيرون!