يمكن أن يظهر على وجه المستمع تعابير تعكس المشاعر التي تثيرها أنواع معينة من الموسيقى، لكن اكتشف فريق من العلماء الفنلنديين أيضًا أن بإمكانهم "رؤية" اللحن، الذي يتم عزفه، من خلال فحص مخ المستمع بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي، وفقا لما نشرته "ديلي ميل" البريطانية.
"رؤية" نوع اللحن
باستخدام التعلم الآلي والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، توصل باحثون في جامعة توركو الفنلندية إلى أن القشرة السمعية والحركية تنشط عند تشغيل موسيقى تبعث على السعادة أو الحزن.
تعالج القشرة السمعية العناصر الصوتية، مثل الإيقاع واللحن، ويمكن أن ترتبط القشرة الحركية بحقيقة أن الموسيقى تلهم مشاعر الحركة.
وتطرقت الدراسة أيضًا إلى الألحان الموسيقية التي تثير الخوف، وكشفت عن ارتباطها بالبنى تحت القشرية المرتبطة بالذاكرة والعاطفة والمتعة.
تجربة ذاتية قوية
وقال الباحثون في نتائج الدراسة المنشورة بدورية Oxford Academic: "يمكن للموسيقى أن تحفز تجربة ذاتية قوية للعواطف، ولكن هناك جدل حول ما إذا كانت هذه الاستجابات تشترك في نفس الدوائر العصبية مثل المشاعر التي تثيرها الأحداث المهمة بيولوجيًا. لذا، تم دراسة الأساس العصبي الوظيفي للعواطف التي تسببها الموسيقى في عينة كبيرة من الأشخاص الذين استمعوا إلى مقطوعات موسيقية جذابة عاطفياً بينما تم قياس نشاط دماغهم الديناميكي الدموي باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI".
ذكاء اصطناعي
شارك نحو 102 متطوع في الدراسة، حيث طُلب منهم الاستماع إلى موسيقى الآلات أثناء فحص العلماء لأدمغتهم بالرنين المغناطيسي. ثم تم استخدام خوارزمية التعلم الآلي لتعيين مناطق الدماغ التي يتم تنشيطها عند حدوث مشاعر مختلفة ناجمة عن الموسيقى.
بعد هذه العمليات، تمكن الباحثون من التنبؤ بما إذا كان المشاركون يستمعون إلى موسيقى سعيدة أو حزينة.
ويرجع السبب وراء تنشيط القشرة السمعية هو أن هذا الجزء من الدماغ يلعب دورًا رئيسيًا في قدرة الإنسان على إدراك الصوت وتساعد هذه المنطقة في معالجة العناصر الصوتية للموسيقى مثل الإيقاع واللحن.
ملاحظة مثيرة للدهشة
ومن المثير للدهشة أنه على الرغم من أنه طُلب من الأشخاص المشاركين في الدراسة الاستلقاء على ظهورهم أثناء إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، إلا أن القشرة الحركية ظلت نشطة. وبرر الباحثون تلك الملاحظة بأن القشرة الحركية تشارك في التخطيط والتحكم وتنفيذ الحركات الإرادية. ووفقًا لنتائج الدراسة، فإنه عندما كان المشاركون في الدراسة يستمعون إلى الموسيقى، كان لديهم شعور بالحركة.
وفيما يتعلق بالاستجابة لموسيقى تبعث على الشعور بالخوف، تم تنشيط عدد من مناطق الدماغ، من بينها النشاط تحت القشري ثنائي الجانب في جذع الدماغ والمهاد والبوتامين والشاحبة.
الأفلام تنشط الأجزاء العميقة
اكتشف الباحثون أيضًا مناطق الدماغ التي يتم تنشيطها عندما شاهد المشاركون في البحث مقاطع فيديو تثير مشاعر قوية، ولكن تبين أن المناطق التي تم تنشيطها وقت الاستماع إلى الموسيقى التي تثير المشاعر، تختلف عن تلك التي أثارتها مشاهدة مقاطع الأفلام. وتشير النتائج إلى أن المشاعر التي تثيرها الأفلام والموسيقى تعتمد جزئيًا على عمل آليات مختلفة في الدماغ. تقوم الأفلام، على سبيل المثال، بتنشيط الأجزاء العميقة من الدماغ التي تنظم المشاعر في مواقف الحياة الواقعية، في حين أن الاستماع إلى الموسيقى لم ينشط هذه المناطق بقوة ولم يفصل تنشيطها المشاعر، التي تسببها الموسيقى عن بعضها بعضا.
الأفلام أكثر واقعية
ويرجح الباحثون أن يكون السبب هو حقيقة أن الأفلام يمكنها بشكل أكثر واقعية نسخ أحداث الحياة الواقعية التي تثير المشاعر وبالتالي تؤدي إلى تنشيط آليات العاطفة الفطرية. أما بالنسبة للعواطف التي تسببها الموسيقى، فهي مبنية على الخصائص الصوتية للموسيقى وملونة بالتأثيرات الثقافية والتاريخ الشخصي.