ريتا مقدسي
الجمود الحكومي سيد الموقف فلا انفراجات ولا أجواء إيجابية كما كان يشاع بعد كل لقاء يعقد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. فبات واضحاً أن تشكيل الحكومة قد يطول ورُحِلّ إلى مطلع السنة الجديدة أو حتى بعد انتهاء ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن زمام الرئاسة الأميركية في 20 كانون الثاني 2021، توازياً مع عدم تقارب وجهات النظر بين عون والحريري وتصميمهما على عدم كسر هذا الجمود ووضع مصالحهم الشخصية جانباً!
وبعد كل العراقيل أو العقد التي كانت تحول دون تشكيل الحكومة والتي كان قد تخطاها ولو قليلاً كل من الطرفين بدءا من الثلث المعطل وصولا الى تفرد الحريري بتسمية وزراء الشيعة والسنة، وشكل الحكومة من حيث العدد إذا كانت ستضم 18 أو 20 وزيرا وكيفية توزيعها على الأحزاب والطوائف، ومن سيتولى وزارة الطاقة.
وفي هذا الاطار، استمرّ الأخذ والرد إلى أن لفتت مصادر فرنسية الى أن الحقيبة من نصيب الفرنسيين حيث برز اسم جو صدي ولكن عون اعترض على تولي الأخير هذه الحقيبة مع أن باريس تؤيد إسنادها له باعتبار أن من أولويات المبادرة الفرنسية إعادة تأهيل قطاع الكهرباء كبند أساسي في الورقة الإصلاحية التي تقدم بها الرئيس الفرنسي، بعد أن تبين أن العجز في هذا القطاع بات يفوق الأربعين مليار دولار.
النقاط الخلافية لم تقف هنا، بل وصلت إلى تسمية الوزراء المسيحيين، إلاّ أن الحديث عن عقدة أساسية على خط التشكيل تتمثل بتمسك رئاسة الجمهورية والرئيس المكلف بتسمية وزيري العدل والداخلية عاد الى الواجهة، بحيث اعتبر البعض مؤخراً أن عون لا يزال يتصرف كما كان أثناء توليه رئاسة الحكومة العسكرية (1988 - 1990).
هذا ولا يمكن غض النظر عن العوامل الخارجية التي لا تقل أهمية عن العوامل الداخلية، أولها يكمن بأن واشنطن لا تريد أن يكون حزب الله جزءاً من حكومة لبنان، ثانياً إيران دخلت أيضاً على خط التأليف والحريري يقف مكبل اليدين ويخشى من تشكيل حكومة قريبة قبل تسلم بايدن ولايته خوفاً من فرض عقوبات أميركية عليه في ولاية ترامب.
إذاً، هي أسباب داخلية معطوفة على عوامل خارجية تحول دون تشكيل الحكومة وما قد لا يعرفه البعض أن بايدن لديه عشرات الملفات التي تفوق أهميتها الملف اللبناني.
فإن لبنان قد دخل في دوامة بات من الصعب الخروج منها، فالمبادرة الفرنسية باتت الأمل اللبناني الأخير وخشبة الخلاص لإخراج البلد من محنته الصعبة كما أن زيارة ماكرون إلى لبنان التي كانت مقررة في الـ 23 و24 كانون الأول من الشهر الحالي، وإلغاؤها لاحقاً بسبب إصابته بفيروس كورونا، كان قد يعيد للبنانيين ولو جرعة أمل صغيرة تجعله ينتعش من جديد، إلاً أنّه مدد الجمود الحكومي.
اللبنانيون تعبوا من الوعود المستمرة ومن تقاذف المسؤوليات بين القوى السياسية.
وبات الجوع يطوّق اللبنانيين وثلث لبنان تحت وطأة الفقر، ولعل سنة 2020 كانت الأسوأ والأكثر تعقيداً وأشد وطأة على العالم عموماً واللبنانيين خصوصاً. فشهد لبنان أزمة اقتصادية خانقة كانت قد مرّت عليه في تاريخه الحديث في ظل انهيار العملة المحلية وفقدان الدولار الذي بات حديث الساعة وعجز اللبنانيين عن تلبية حاجياتهم الأساسية، هذا ووقع انفجار المرفأ وألحق أضرارا كبيرة إلى أن حلّت جائحة كورونا لتلقي بثقلها عليهم.
فأحداث 2020 تكاثرت في بلد بات الانهيار فيه يقاس بالساعات ولا بالأيام، ولم تعد تجد مخرجاً لتنتهي وكأن قدر اللبنانيين الخروج من محنة واللحاق بأخرى.
فهل من إجراءات مترقبة للأزمات المتلاحقة، وهل ستذلل العقد وتبصر الحكومة النور مطلع السنة الجديدة؟
الجواب رهن السنة الجديدة!