نظّم المجلس العربي للعلوم الاجتماعيّة المحاضرة السنويّة الثانية في سلسلة محاضرات فاطمة المرنيسي التي أطلقها العام الماضي (2019) لتكريم الكاتبة وعالمة الاجتماع المغربيّة الراحلة.
عُقِدت المحاضرة مساء الخميس 17 كانون الأول/ديسمبر افتراضيًّا عبر منصّة "زوم"، وألقتها الدكتورة أميمة أبوبكر بعنوان: "المعرفة الدينية في العالم العربي من منظور نسويّ: من النّقد إلى إعادة البناء". وانضمّ إلى المحاضرة عبر "زوم" وصفحة المجلس في "فايسبوك" عددٌ كبيرٌ من علماء وعالمات العلوم الاجتماعية والطلاب والطالبات والمهتمين والمهتمّات من مختلفِ أرجاءِ المنطقة العربيّة والعالم.
في كلمتها الافتتاحيّة، أكدت المديرة العامة للمجلس العربي للعلوم الاجتماعيّة الدكتورة ستناي شامي أن "سلسلة المحاضراتِ السنويّة للمجلس العربي للعلوم الاجتماعيّة تهدف إلى تكريم علماء وعالمات علوم اجتماعيّة بارزين من المنطقةِ العربيّة وتقديم أعمالِهم والتأمُّل في التقاليد الفكريّة في المنطقة فضلًا عن استحضار التاريخ وإرث الماضي. ولا تقتصرُ المحاضرات بالضّرورة على مناقشة فِكر المكرَّمِ والمكرّمةِ أو كتاباتِه وكتاباتِها أو نهجِه ونهجِها، إنما هي فرصةٌ للاستماعِ إلى نتاجاتٍ فكريّةٍ حديثة وابتكارية، وكيف ترتبطُ هذه الأبحاث وتنتقد وتبني على أبحاث الأكاديميين والأكاديميات السابقين والسابقات وتفتحُ آفاقًا نظريّةً ومنهجيّةً جديدة". وتابعت: "قرّر المجلسُ أن يضيفَ إلى تكريماتِ المرنيسي تكريمًا جديدًا من خلال محاضراتٍ عابرةٍ لجغرافيا المنطقة العربية بين المشرقِ والمغرب والنيل والخليج تمامًا كعبورِ المرنيسي نفسِها لهذه الجغرافيا لا بل توسُّعها إلى العالم الذي مَنحَها جوائزَ عدّة ودَشَّن أكثرَ من كرسيٍّ باسمِها في جامعاتٍ عريقة".
بدورها، تولّت الدكتورة هدى الصدّة تقديم الدكتورة أميمة أبوبكر مضيئةً على محطاتٍ بارزةٍ في سيرتها ومسيرتها الأكاديميّة وأبرز نتاجاتها. والصدّة هي أستاذة الأدب الإنجليزي والمقارن في جامعة القاهرة، ومن أصدقاءِ المجلس والعاملين معه في نشاطاتٍ وبرامجَ عدة مثل المرصد ومشروع الأرشيف الشفهي للمرأة.
ثمّ ألقت المحاضَرة الرئيسية الدكتورة أميمة أبوبكر، أستاذة الأدب الإنجليزي المقارَن في جامعة القاهرة، وعضوة مؤسِّسة/نائبة مجلس أمناء "مؤسسة المرأة والذاكرة" في مصر، وعضوة مجلس أمناء حركة "مساواة" الدولية. وتناولت أبوبكر "ظاهرة إنتاج المعرفة الدينية (الإسلامية) في العالم العربي من قِبل كاتبات وباحثات منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى بداية القرن الحادي والعشرين، وترصدُ تطوُّر مراحلها في صورة محطّاتٍ تُعدُّ أعمالُ فاطمة المرنيسي من أهمّها". وأشارت أبوبكر إلى "ثلاث إشكاليات أو عقبات في الخطابات الحاليّة للنسويّات المسلمات بشكل عام: أولًا مأزق الدفاعية ضد كلٍّ من الرفض العلماني/غير الإسلامي من جهة، والتقليديّ أو المحافِظ الإسلاميّ من جهة أخرى، كذلك مواجهة الإسلاموفوبيا الكولونيالية في المجتمعات الغربية؛ ثانيًا مأزق الدوران في فلك التفكيك فقط وإعادة إنتاج ما تمّ إثباته من تأويلاتٍ أبويّة واحتكار للفهم الديني؛ وثالثًا مأزق السياقات السياسية الملتبسة التي تحدّ من الفكر الحرّ والمستقلّ". كما قدّمت أبوبكر في الجزء الأخير من المحاضرة أمثلة عن "المساهمة النسوية الإسلامية في تضفير مجالات دراسات النوع (الجندر) والأخلاقيّات والتفسير القرآني بصفة خاصة".
واختُتِمت المحاضرة بنقاشٍ أجابت في خلاله الدكتورة أميمة أبوبكر والدكتورة هدى الصدّة عن عددٍ كبيرٍ من أسئلة المتابعين والمتابعات عبر "زوم" و"فايسبوك". كما تخلّل المحاضرة عرضُ فيديو قصير أعدّه المجلس بعنوان "فاطمة المرنيسي: السّيرة والمسيرة"، وتوزيع رابط لكتيّب يحتضن موادّ المحاضرتَين الأولى والثانية في سلسلة محاضرات فاطمة المرنيسي.
إشارة إلى أنّ سلسلة المحاضرات الأولى للمجلس العربي للعلوم الاجتماعيّة كرّمت المؤرّخ والعالم السياسي الفلسطيني حنا بطاطو.