اللبنانيون حائرون لا يعرفون شيئا عن مصير ودائعهم في البنوك.
تمّ تضليلهم من قبل أصحاب المصالح ومن قبل السياسيين والمستفيدين ومن بعض أجهزة الاعلام فباتوا لا يعلمون حقيقة أين ودائعهم.
لذلك سنوضح لكم بتجرّد أين هي ودائعكم وأموالكم.
ضللوكم لتتظاهروا في الأماكن الخطأ وتطالبوا الأشخاص الخطأ ليتستروا وراء أكاذيبهم. وحقيقة الأمر هي كالتالي:
المعروف أنّ المواطن يضع مبلغا معينا كوديعة لدى المصرف الذي يتعامل معه، مقابل فوائد، والمصارف تقوم باستثمار هذه الودائع وإدارة هذه الأموال في مجالات اخرى.
نصّ القانون رقم 110 /1991 على أنّ المؤسسة الوطنية لضمان الودائع تضمن ودائع المصارف المتوقّفة عن الدفع أو التي ستوضع اليد عليها، بمبلغ وقدره 5 ملايين ليرة لبنانية فقط أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية مهما بلغت قيمة الوديعة. وفي جلسة موازنة عام 2020 ، عدّل مجلس النواب اللبناني المادة 14 (بموجب قانون نافذ حكما 6 / 2020) رفع بموجبه سقف ضمان الودائع من خلال المؤسسة الوطنية لضمان الودائع من 5 ملايين ليرة الى 75 مليون ليرة.
أمّا على خط مصرف لبنان المركزي، فقد عمل ومنذ عشرين سنة على تجنيب لبنان أيّ عمليات إفلاس للبنوك فتشدّد من خلال الإجراءات التي اتخذها والضوابط التي وضعها والتي وصفت بالقاسية للمحافظة على ملاءة القطاع، وقد يكون أهم هذه الضوابط التعميم الأساسي رقم 86 (القرار الأساسي رقم 7926 تاريخ 20/09/2001) الذي الزم بموجبه كافة المصارف ان تودع لدى مصرف لبنان نسبة 15% من جميع أنواع الودائع التي تتلقاها بالعملات الأجنبية مهما كانت طبيعتها.
تقوم المصارف باستثمار 85% من الودائع في مجالات عديدة كالقروض التجارية، القروض الشخصية، القروض السكنية والاستهلاكية وتسهيلات التجار وتمويل الشركات والمصانع والقطاع الزراعي وغيرها من المجالات، كما توظّف هذه الأموال في الاستثمارات الماليّة من شراء سندات الخزينة واليوروبوند واستثمارات خارج لبنان.
وللتوضيح أكثر، لو اخذنا وديعة قيمتها 100 ألف دولار، في حال أعلن البنك إفلاسه، يضمن صاحبها من خلال تعميم المصرف المركزي تحصيل مبلغ 15 ألف دولار و150 ألف دولار في حال كانت قيمة الوديعة مليون دولار، وهذا يحقق مصلحة للمودع، الذي يحصل أيضا من مؤسسة ضمان الودائع على مبلغ أقصى قدره 75 مليون ليرة (توازي أقل من 10 آلاف دولار) ولو كانت وديعته بملايين الدولارات. ويظهر ذلك أنّ مصرف لبنان كان يصدر تعاميم تحقّق مصلحة أصحاب الودائع بعكس ما يشاع ويتهم به.
أين أموال الودائع اليوم؟
تبلغ القيمة الاجمالية للودائع نحو 140 مليار دولار. ماذا نعرف عنها؟
- 17.5 مليار دولار احتياطي إلزامي لدى مصرف لبنان المركزي موجودة لديه "بالحفظ والصون" والحاكم رياض سلامة يرفض المساس بأموال الودائع. ورغم الضغوطات والحملات التي تشنّ عليه وعلى مصرف لبنان من جهات متعدّدة واتهامه بالتفريط بأموال الناس، ما زال عند موقفه الرافض للمساس بودائع اللبنانيين، وهو طلب من الدولة إيجاد حلول ومصادر بديلة للدعم.
- 40 مليار دولار هو مجموع القروض الممنوحة للقطاع الخاص أفرادا ومؤسسات مقابل ضمانات عقارية أو ماليّة ويمكن استعادة أكثر من 90% منها.
- 24 مليار دولار قيمة سندات الخزينة بالليرة وبالدولار، وهذه الديون تصنّف خسائر على البنوك مع انهيار قيمة سندات اليوروبوند التي فقدت 80% من قيمتها وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.
وهذا الانهيار كان يمكن تجنّبه لو لم يتخلّف لبنان عن السداد في ظل إصرار بعض أركان السلطة رغم معارضة حاكم مصرف لبنان للقرار الذي أدى اتخاذه إلى إخراج لبنان نهائيا من سوق الدين العالمي وأوقف تدفّق العملات الصعبة إليه ما ساهم في انهيار النقد لوطني.
وتدين الحكومة اللبنانيّة لمصرف لبنان المركزي بمبلغ يوازي 40 مليار دولار يعتبر أيضا دينا هالكا في ظل عجز الدولة عن السداد.
ويتضح جليا من كلّ ما سبق أنّ من تلاعب بالودائع ليس مصرف لبنان وحاكمه الذي حرص على حماية الأموال في المصارف منذ عام 2000 من خلال سلسلة التعاميم والإجراءات، وأنّ المسؤول عن المصير المجهول للودائع هي الطبقة السياسة الفاسدة التي أمعنت في الهدر والفساد، وحاربت كلّ أشكال الإصلاح، ثمّ تخلفت عن سداد الديون المستحقة للمصارف ولمصرف لبنان.
في الخلاصة، يرتبط مصير الودائع بقرارات الدولة. فاذا التزمت بسداد الديون المترتبة عليها وفقا لخطة إنقاذ شاملة تضمن اعادة جدولة الدين، تعود الودائع إلى أصحابها، أمّا اذا تخلفت عن السداد فسيتبخر جزء كبير منها.
حفلت الأشهر الماضية بالكثير من تزوير الوقائع واللعب على العواطف، وعملت الطبقة السياسية الفاسدة التي تتحكّم برقاب اللبنانيين وتسرق مقدّرات الوطن منذ 30 عاما على استخدام كل المنابر بأشكال مباشرة وغير مباشرة تارة بالادعاء بان اموال المودعين موجودة لدى المصرف المركزي وحاكمه، وطورا باتهام القطاع المصرفي بالتلاعب وتهريب الاموال بينما الواقع والحقيقة ان الطبقة السياسية الفاسدة وقرارات الحكومات المتعاقبة منذ 30 عاما وتراكم الديون هي التي هدرت أموال الودائع وتسببت في الازمة الراهنة.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا