رندى تقي الدين
عشية زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المرتقبة إلى بيروت في 22 و23 الجاري، أوضح مصدر فرنسي رفيع متابع للملف اللبناني أنّ ماكرون يزور بيروت للمرة الثالثة في غضون أربعة أشهر "لأنه يرى ضرورة ملحة وطارئة لذلك، بعد نتائج الأزمة المالية ثم انفجار المرفأ بحيث أصبح لبنان يواجه أزمة مالية واقتصادية واجتماعية"، وقال لـ"نداء الوطن" إنّ الرئيس الفرنسي "وضع خريطة الطريق الإنقاذية للبنانيين بعد أن رأى مع القوى اللبنانية والأسرة الدولية أنّ هناك حاجة طارئة لتشكيل حكومة في لبنان ذات مصداقية تحظى بتصويت أغلبية البرلمان، لتنفّذ خريطة الطريق التي وضعها أمام رؤساء الأحزاب عندما زار لبنان ووافقوا عليها ثم أخلّوا بالتزاماتهم"، وانتقد المصدر معظم القياديين السياسيين قائلاً إنهم "ما زالوا يلعبون لعباتهم السياسية الصغرى ورغم ذلك الرئيس ماكرون باق على تعهداته لأن الضرورة تتطلب ذلك والخطر يزداد".
وأضاف: "يجب تشكيل حكومة تحظى بتأييد البرلمان، ورئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وجبران باسيل شئنا أم أبينا عليهم أن يتحملوا مسوؤلية التشكيل، لذا فرنسا مستمرة في مطالبتهم بتحمل مسوؤلياتهم في تشكيل حكومة ذات مصداقية وترى أن الوضع الطارئ يتطلب هذه الضرورة"، مشيراً إلى أنّ "الرئيس الفرنسي وأمين عام الامم المتحدة أعطيا الكلمة في مؤتمر الدعم إلى ممثلي المجتمع المدني في بداية المؤتمر، لأنّ المجتمع المدني يسد ثغرات تقصير الدولة اللبنانية حيث يأخذ اللبنانيون واللبنانيات بزمام حياتهم ويقومون بعمل كان ينبغي أن تفعله الدولة لهم".
وفي حين نوّه بدور الجيش اللبناني، شدد على أنّ الرئيس الفرنسي يحرص على أن توزع المساعدات عبر منظمات غير حكومية ذات مصداقية ويمكن الاعتماد على نزاهتها، كي لا يتم تحويل المساعدات إلى جهات أخرى، ولذا تحبذ فرنسا إعطاء المسؤولين عن تلك المنظمات الكلمة لا سيما وأنّ الرئيس الفرنسي هو الى جانب الشعب اللبناني ومع ممثليه في المنظمات غير الحكومية، لأنهم هم الذين يعملون على الأرض.
ورداً على سؤال عما إذا كانت باريس قد خاب أملها جراء عدم تجاوب "حزب الله" مع مبادرتها، لفت المصدر إلى أنّ "فرنسا لا تضع نفسها في هكذا معادلة، فالرئيس ماكرون تحدث الى "حزب الله" كما تحدث مع جميع القيادات السياسية في لبنان، وبعضهم وضع نفسه خارج اللعبة ولا يساعدون على تنفيذ خريطة الطريق، رغم أنهم وعدوا أنهم سيبذلون أقصى جهودهم لتنفيذ خريطة الطريق ولم يفعلوا"، وأضاف: "ما يهم فرنسا هو النتائج، والملاحظ أنه مهما كانت التبريرات التي تسمع من هذا أو ذاك لم نحصل بعد على النتيجة المرتقبة، أي تشكيل حكومة ذات مصداقية تنفذ خريطة الطريق".
وعن احتمال أن تقتصر زيارة ماكرون على تفقد القوات الفرنسية الموجودة في الجنوب ولقاء عون، أجاب: "حتى الوقت الحاضر لا يزال العمل مستمراً على وضع البرنامج بانتظار تطورات الوضع، ولكن في أي حال سيلتقي الرئيس الفرنسي ممثلي الشعب اللبناني في لحظة من زيارته، أما بالنسبة للقاء الرئيس عون فكما حضر مؤتمر دعم لبنان بصفته رئيس الدولة، فلا يمكن أن يقوم الرئيس ماكرون بزيارة بلد سيّد من دون لقاء رئيسه". غير أنه شدد على أنّ الزيارة المرتقبة ستشكل مناسبة "للتذكير مجدداً بمطالبة القيادات اللبنانية بتنفيذ خريطة الطريق، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيلتقيهم، وباستمرار فرنسا في وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني، كما ستكون زيارته للقوات الفرنسية في الجنوب مناسبة للتذكير بمهمة هذه القوة التي تلعب دوراً أساسياً في حماية سيادة وأمن لبنان، وهما أولوية لفرنسا التي تجمعها علاقة مميزة وتاريخية بهذا البلد لأنّ سيادة وأمن لبنان، يساهمان في استقرار منطقة الشرق الاوسط وأيضاً شرق المتوسط الذي يشهد بعض التوترات من جانب بعض القوى".
وعما إذا كان تحقيق المحقق العدلي وقراره الادعاء في قضية انفجار المرفأ على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس سيؤخر تشكيل الحكومة الجديدة، أجاب المصدر الفرنسي: "أياً كان الموضوع، الكل يرى دائماً حجة ما لتأخير تشكيل الحكومة، فالبعض يشير إلى تدقيق البنك المركزي، والبعض الآخر إلى تسلم الادارة الاميركية الجديدة، فمن السهل إيجاد الحجج ولكنها كلها سيئة لأنها لا تغيّر في مضمون الموضوع، وهو إيجاد اتفاق بين القوى الأساسية للوصول الى نتيجة تشكيل حكومة تنفذ خريطة الطريق"، وختم: "فرنسا تكرر وستستمر بالتكرار في سبيل تحقيق ذلك لأن ليس هناك حل آخر، خصوصاً وانّ العقوبات الاميركية كما هو ملاحظ لم تغيّر شيئاً، وبالتالي الأولوية لباريس هي الوضع الطارئ وتشكيل حكومة تنفذ خريطة الطريق".