أعلنت المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، تقديم 47 مدعيا عاما من مختلف الولايات الأميركية، دعوى قضائية ضخمة ضد عملاق التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
الدعوى ترتكز على اتهام فيسبوك بانتهاك قانون الاحتكار والإضرار بالمنافسة من خلال شراء شركات أصغر مثل إنستغرام وواتساب، لسحق التهديد الذي يشكلانه على أعمال الشركة.
وتركز الدعوى القضائية على تاريخ عمليات الاستحواذ التي بدأتها فيسبوك، خاصة تلك التي قامت بها عام 2011، عندما اشترت تطبيق إنستغرام في صفقة قدرت بمليار دولار أميركي، وتطبيق واتساب عام 2014 بتسعة عشر مليار دولار.
وقالت المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، إنه على مدى عقد تقريبا، استخدم فيسبوك هيمنته وقوته الاحتكارية لسحق المنافسين الصغار والقضاء على المنافسة، على حساب المستخدمين العاديين".
وأوضحت جيمس وبقية المدعين السبعة والأربعين أن عمليات استحواذ فيسبوك، تمت بشكل غير قانوني.
ويطالب المدعون المحكمة الفيدرالية بالتدخل بشأن احتمال فصل هذه التطبيقات، كما تطالب الدعوى أيضا المحكمة بالمنع الفوري لفيسبوك من إجراء أي عمليات استحواذ تزيد قيمتها عن 10 ملايين دولار مع انتهاء القضية.
الضربة القضائية لفيسبوك جاءت مزدوجة بانضمام لجنة التجارة الفدرالية التي رفعت قضية موازية، أدت لانخفاض سهم الشركة بأربعة في المئة تقريبا.
وقالت لجنة التجارة الفدرالية في الدعوى التي رفعتها، إنه ومنذ الإطاحة بمنافس فيسبوك الأول "ماي سباي" وتحقيق قوة احتكارية، تحولت فيسبوك إلى استراتيجية الدفاع من خلال وسائل مانعة للمنافسة.
وأشارت إلى أنه بعد تحديد تهديدين تنافسيين مهمين لمكانته المهيمنة على شبكات التواصل الاجتماعي هما إنستغرام وواتساب، تحرك فيسبوك لإخماد تلك التهديدات عن طريق شراء الشركات، مما يعكس وجهة نظر الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ.
وفي رسائل البريد الإلكتروني التي كشفت عنها اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار في مجلس النواب خلال جلسة استماع الصيف الماضي، وصف زوكربيرغ نيته في شراء إنستغرام، في رسائل البريد الإلكتروني إلى ديفيد إبيرسمان، المدير المالي لفيسبوك آنذاك، كطريقة لتحييد منافس مع تحسين فيسبوك من خلال دمج الميزات التي اخترعها التطبيق، قبل أن يكون لدى أي مبتدئ آخر الوقت الكافي للحاق بالركب وتشكيل تهديد مماثل.
هذه الرسالة استدلت بها لجنة التجارة الفدرالية في دعواها ضد فيسبوك ومؤسسها الذي يعتمد فلسفة "الشراء أفضل من المنافسة"، كما جاء في الدعوى.
وكشف فيسبوك لأول مرة أنه يخضع للتحقيق على أسس مكافحة الاحتكار من لجنة التجارة الفيدرالية في يوليو من العام الماضي، عندما أعلن تحالف بقيادة ليتيتيا جيمس من نيويورك عن تحقيق في الأعمال التجارية بعد فترة وجيزة.
وواجه فيسبوك تدقيقا متسارعا بشأن تعامله مع بيانات المستخدمين وممارسات المنافسة منذ عام 2017، عندما كشفت التحقيقات الإخبارية أن خدمته قد استخدمت من شركة البيانات السياسية، كامبريدج أناليتيكا، للحصول على معلومات عن المستخدمين من دون موافقتهم قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016.
واتفقت لجنة التجارة الفيدرالية مع فيسبوك على دفع 5 مليارات دولار العام الماضي، بعد التحقيق في ممارسات البيانات الخاصة بها.
وانتقد الصفقة صقور التكنولوجيا في الكونغرس واعتبروها تحذيرا بسيطا للشركة. فالمبلغ المدفوع يمثل حوالي 9 في المئة فقط من عائدات عملاق وادي السيليكون لعام 2018.
كما انتقد المشرعون وقتها لجنة التجارة الفدرالية، لفشلها في التدقيق بشكل كاف في عمليات استحواذ فيسبوك بعد أن أصدرت اللجنة القضائية التابعة لمجلس النواب وثائق داخلية لفيسبوك تتعلق بتحركاتها تجاه المنافسين.
وتعتبر هذه الدعوى التي جاءت تتويجا لتحقيق استمر لأكثر من عام، أحدث ضربة لكبرى شركات التكنولوجيا.
فقبل شهرين فقط، قدمت وزارة العدل الأميركية و11 ولاية دعوى قضائية ضد غوغل، بدعوى انتهاك الشركة لقانون المنافسة.
وزارة العدل، وفي ملفها الصادر في أكتوبر، أوضحت أن محرك البحث العملاق، انتهك قانون مكافحة الاحتكار من خلال الاحتفاظ بشكل غير قانوني باحتكار البحث العام عبر الإنترنت من خلال ربط قنوات التوزيع للمنافسين.
وقالت المحامية السابقة في لجنة التجارة الفيدرالية، شارلوت سليمان: "كانت هناك فترة طويلة ظلت فيها جهات إنفاذ القانون والهيئات التنظيمية تقول إنها تفضل عدم التدخل في شركات التكنولوجيا الكبرى، وقد أصبح من الواضح أن ذلك الوقت قد انتهى".
وقد تؤدي التحقيقات إلى إجبار فيسبوك على فصل أجزاء من أعماله، أو فرض قيود بعيدة المدى على كيفية عمله.
لكن الخبراء يقولون إنه يمكن إجبار فيسبوك أيضا على السماح للأشخاص بالنشر في وقت واحد عبر منصات غير مملوكة لفيسبوك، والسماح لهم أيضا بمشاهدة المنشورات من الشبكات الاجتماعية المنافسة.