"تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الآخر"، هي الجملة الأولى التي يلقونك إياها في صف التربية المدنية على مقاعد الدراسة منذ صغرك.
ولكن يبدو أن الحرية في المجتمعات أصبحت متنقلة وغبر ثابتة، كل يغتصبها على هواه حتى يرضي رغباته، وكل من قرر أن ينطلق في هذا العالم السطحي، يتلطى تحت راية "المثلية الفاحشة" ليعبر عن نفسه.
ومن قال أن المثلية الجنسية خطأ مجتمعي، ولكن كل الأمور لها حدود حتى الحرية، وكل من يعيش لحظة تفلت ضخمة يكون قد وضع وصمة عار على هذه المعضلة التي تحرم مجتمعاتنا التحدث عنها وتزيدها اسوداداً... كل من يعيش ويجسد ميوله الجنسي بهذا المستوى من الفحش يكون قد أهان المثليين.
ولماذا يطرح هذا الموضوع الآن؟... الجواب بسيط، هي "أغنية" عنوانها "انفخو"، تتحدث عن الحرية رفض المجتمع لشريحة معينة من الناس، حيث ينشر مغنيها ايلي داوود رسالة يحاول من خلالها القول أن لكل انسان علاقته بالله ولا يمكن لأحد أن يحكم على أحد.
الا أن داوود سقط في فخ الحرية المطلقة، وقام بقصد أو من غير قصد بالمساس برموز الديانة المسيحية من خلال ايحاءات وصور محددة، كاكليل الشوك على رأسه ومشاهد الضرب والجلد وتماثيل الملائكة والستائر الحمراء وغيرها...
هذه التعديات استخدمها تحديدا لدى قوله: "صوم وصلي ما تعتل همي تركني أنا مني للرب"، وبالطبع لا انسان يحق له أن يحكم على آخر، فالله يقول "لا تدينوا كي لا تدانوا"، لكن داوود تخطى حريته ونسي أين تنتهي فانتهك حرية الآخر، منتهكا بذلك القاعدة الأولى في التربية المدنية.
لا شك أن لكل انسان حرية التعاطي مع الله بالطريقة التي تحلو له، لكن المساس برموز ديانة بكاملها هو أمر غير مقبول، وقبل أن تبدأ الردود، بالطبع أن داوود لم يتوجه لهذه الشريحة بالمباشر انما وعلى رأي المثل "اللبيب من الاشارة يفهم".
والنقد لا يتوقف هنا فحسب، فمساحة الحرية الممنوحة على وسائل التواصل أصبحت الى حد ما "خادشة للحياء"، خصوصا و أن الأطفال أصبحوا من أهم روادها، فكيف يمكن التبرير لطفل أو مراهق ظهور هكذا مشاهد ايحائية على فيسبوك فجأة، من مجسم اليد على أعضاء المغني التناسلية وغيرها...
أعذروني على رأيي ولو اعتبره البعض متحجرا، لكن لا بد من وضع حد لآفات مجتمعية تفسد الأجيال الصاعدة وتؤثر على أفكارها وتصرفاتها، والأهم كفى مساسا بالعقائد الدينية ورموزها فبين الحرية والفلتان شعرة تقسم ظهر البعير... فمن يراقب؟