باتريسيا جلاد
أوصدت الأبواب ونفدت الحلول. إما المسّ بالاحتياطي الإلزامي وهو عبارة عن أموال المودعين أو رفع الدعم مع ما سيحمله من جوع وغضب شعبي عارم... إلا أن بديلاً لاح في اليومين الماضيين بعدما وصل "الموسى الى حدّه"، وهو البطاقة التموينية أو تطبيق الكتروني من وحيها. وهنا كثرت التساؤلات حول آلية التنفيذ وكيفية استفادة من يحتاج فعلاً اليها. نائب رئيس مجلس الوزراء السابق والخبير المالي والإقتصادي غسان حاصباني، كشف لـ"نداء الوطن" عن مقاربته للبديل الثالث الذي اطلق عليه تسمية المحفظة الرقمية Digital Wallet وكيفية توفير الدعم المباشر للمواطن بتمويلٍ غالبيته من الخارج.
بات معروفاً أن الدعم الذي يقدّم حالياً من مصرف لبنان ليس دعماً بالمعنى الصحيح للكلمة، بقدر ما هو تثبيت لسعر صرف العملة لاستيراد بعض السلع من الخارج.
وحول ذلك يقول حاصباني إن "الدعم تقوم به عادة الدولة لتغطية فرق سعر الكلفة للسلع وتخفيف عبئها عن كاهل المواطن، وتمويله يكون من موارد الدولة أو من مساعدات أو مخصصات للدعم الإجتماعي". وطالما ان تلك الآلية غير متوافرة حالياً إن "مصدر وسيلة الدعم كما هي اليوم غير مستدامة، اذ تستخدم احتياطات مصرف لبنان التي شارفت على الإنتهاء ولم تعد تكفي لأكثر من شهرين، على أن يصار بعدها الى استخدام الإحتياطي الإلزامي، فننتزع أموال المواطنين من جيبهم لدعمهم". ويتابع أما بالنسبة الى الدعم الشامل على السلع بشكل كبير مثل الدواء والبنزين والطحين، فيعتبر حاصباني أنه "يفسح المجال للتهريب، فيتمّ هدر الأموال بالعملات الاجنبية التي نحن بحاجة اليها". من هنا فالحلّ برأيه هو التالي:"توجيه وترشيد سياسة الدعم وفقاً للحاجة الاجتماعية لشرائح المجتمع، بدل أن يشمل الدعم كل السلع ويطاول كل شرائح المجتمع. وهذا الأمر لا يمكن ان يتمّ من دون إعداد سياسة دعم إجتماعية للدولة بالدرجة الأولى، اذ تحدّد من هي الجهة التي ستدعمها مباشرة، وذلك يتزامن مع إجراء مسح شامل للعائلات الأكثر حاجة اليه وفق آلية مناسبة".
وحول الآلية التي يراها مناسبة وقابلة للتطبيق، يوضح أنه: "يتمّ تشكيل محفظة دعم رقمية اجتماعية لكل أسرة تتمّ إدارتها من خلال منصّة الكترونية، توزّع الأموال التي لديها مباشرة بشكل عادل على كل المحتاجين، بمساعدة مؤسسات دولية مستقلّة، وذلك لضمان مصادر التمويل في ما بعد أكان من خزينة الدولة عبر القيام بإصلاحات وإجراءات تقشّفية من الإدارة العامة التي تحرّر جزءاً من الأموال لصرفها على الدعم، أو من خلال منظّمات دولية مختصة بالدعم الاجتماعي للدول التي تعاني من أزمات مالية أو من الدول المانحة في باريس التي ترغب في تقديم الدعم الإنساني، أو حتى من خلال القطاع الخاص اللبناني".
ووفقاً لإحصاءات البنك الدولي إن 50% من اللبنانيين هم تحت خطّ الفقر وبالتالي يحتاجون الى الدعم، ويقول حاصباني "حتى أن النسبة ترتفع الى 70%، لمن هم في وضع دقيق، وبالتالي فإن الأموال يمكن أن توزّع بشكل عادل على نحو 500 ألف عائلة وقد يصل الرقم الى 800 ألف في المدى المتوسط بحسب مستوى حاجات كل منها".
دراسة واسعة لكل الشرائح
وبالنسبة الى الدراسة التي يجب إعدادها، شدّد على أنها "يجب ان تكون ديموغرافية وتتعلق بالدخل الفردي، أي واسعة تشمل كل الشرائح الإجتماعية، فتُستقصى المعلومات من صندوق السكان التابع للامم المتحدة، وجزء منها من وزارات العمل والخارجية والشؤون الإجتماعية وصندوق الضمان الإجتماعي. فيتم عندها إيجاد آلية لتقديم الطلبات من الأسر المحتاجة الى المساعدة في كل منطقة بمنطقتها في كل الأقضية والمحافظات"، وبالتالي فليست الدولة هي التي تسمّي استنسابياً من تريد دعمه وليس هي من سيوزّع الأموال، ما يحول دون استفادة الأحزاب بشكل خاص.
فترة 4 اشهر
أما الفترة التي قد يستغرقها المسح، فقال حاصباني: "اذا تم تجييش أجهزة الدولة لإجراء المسح، قد يستغرق الأمر 3 او 4 أشهر، على أن يتمّ بعدها إعداد منصة الكترونية من خلال تطبيق على الخلوي أو بطاقة الكترونية ذكية لمن ليس لديه هاتف خلوي ذكي، فيودَع مبلغ من المال على الحساب شهرياً لكل عائلة ويصرف بنقاط البيع كجزء من كلفة المعيشة لشراء السلع الإستهلاكية الأساسية وبعض الأدوية والمحروقات. اذا ما هو المبلغ الإجمالي الذي نحتاجه لتنفيذ الدعم المباشر من خلال المحفظة الرقمية الإجتماعية ؟ يلفت حاصباني الى "أننا نحتاج الى مساعدات بقيمة 2 مليار دولار، الجزء الأكبر منها يتم توافره من المنظمات الخارجية والدول المانحة، واذا تبقى جزء بسيط منها يدعم عن طريق سعر صرف الليرة امام الدولار الأميركي، على غرار الإقتراح الذي تقدمنا به في ما يتعلق بمقترح الأدوية التي خفّض فيه الدعم الى النصف من خلال شمول الدعم ادوية الجينيريك وتلك المصنعة محلياً ... أما بالنسبة الى المحروقات، فإن "الدعم سيرفع عنها حتماً ".