وفي عودة الى اجواء الكتل النيابية، ومن خلال مواقف جمعتها «الجمهورية»، تبيّن انّ غالبية هذه الكتل ستعمد الى تبنّي المعادلة الآتية: استمرار الدعم شرط تغيير الاسلوب والانتقال من الدعم العشوائي القائم حالياً الى الدعم المُرشّد او المرشّق، والذي يستهدف العائلات المحتاجة، بدلاً من دعم السلع التي يستفيد منها المهربون والتجار والميسورون، وأخيراً الفقراء.
وتأمل الكتل النيابية من خلال ترشيد الدعم، خفض كميات المال الضرورية لاستمرار تأمين السلع الضرورية للطبقات المحتاجة، وبالتالي شراء مزيد من الوقت، واستخدام نسبة صغيرة من الاحتياطي الالزامي، لأنّ الاصرار على عدم المَس بالاحتياطي نهائياً صعب ومعقّد، وقد يؤدي الى مشكلات تعجز السلطة عن تحمّل تَبِعاتها، بما فيها المشكلات الأمنية التي يولّدها الجوع الذي اصبح منتشراً بنسبة 50 في المئة بين اللبنانيين، وفق التقرير الذي أصدره البنك الدولي امس.
وعلمت «الجمهورية» انّ اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان تم تأجيله الى غد الخميس، أولاً بسبب جلسة اللجان النيابية المشتركة المخصّصة لمناقشة رفع الدعم عن السلع الاساسية، وثانياً بسبب المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي سينعقد في باريس مساء اليوم.
واكدت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» ان «رفع الدعم عن مادة المحروقات اصبح في غاية من الجدية، حيث أبلغ حاكم مصرف لبنان الى المعنيين انه لم يعد في استطاعته تأمين هذا الدعم الذي يكلّف 5 مليارات دولار سنوياً، أي ما قيمته 400 مليون دولار شهرياً». ورأت المصادر «ان ليس المهم حالياً ما اذا كان هناك قانون يتيح للحاكم الصرف من الاحتياط الالزامي ام لا، بل انّ المهم هو كم سيكفي هذا الاحتياط، فنحن نؤجل المشكلة ولا حلول قريبة وسنصل الى وقت نستنزف فيه الاحتياط الالزامي الذي انخفض أصلاً من 15 % الى 12 %، اي اصبح نحو 17,1 مليار دولار، وهذا يعني ان قيمة الاموال في المصارف ستصبح صفراً».
وتابعت المصادر: «الخسارة وقعت وهي كبيرة وضخمة وبالتأكيد ستخلف اضراراً فادحة، لكنّ النقاش يجب ان يحسم قراراً سياسياً للبدء بالانقاذ حتى نتمكن من الاقلاع بالبلد من جديد والمدة التي كانت مقدرة لكي يبدأ البلد باستعادة عافيته، اي 5 سنوات اصبحت الآن في حدود 10 سنوات بسبب التأخير في الحلول».
اما عن سعر الدولار فحذرت المصادر من انه كلما خَفّ الاحتياط كلما ازداد الخطر على ارتفاع الدولار، ورأت «انّ قرار رفع الدعم، وخصوصاً عن المحروقات لأنه هو بيت القصيد بسبب كلفته العالية على المصرف المركزي (لأنّ كلفة دعم الطحين هي 50 مليون دولار والدواء نحو 100 مليون دولار)، سيكون قراراً خطيراً جداً، اذ تخوّفت المصادر من «ان يتحول هذا القرار الى «واتساب» جديد يمكن ان يُشعِل الشارع».
وكشفت المصادر انه يجري حالياً البحث في خيارين: الاول هو رفع الدعم كلياً وهذا الامر مستبعد لأنّ سعر صفيحة البنزين يمكن ان يصل الى 120 الف ليرة على خلفية هذا القرار او خفض نسبة دعمه الى 70 او 60%، وهذا يمكن ان يؤدي الى رفع سعر صحيفة البنزين نحو 20 الف ليرة (لأنّ كل 10 % رفع دعم تزيد الكلفة 10000 ليرة). مع العلم انّ رفع الدعم عن سعر صفيحة البنزين تتعدى خطورته سعر الصفيحة لأنّ المحروقات تدخل في كل القطاعات مادة حيوية في الانتاج والنقل وغيره وبالتالي سيؤدي الى ارتفاع الاسعار في كل السلع.
وذكرت المصادر في انّ مصرف لبنان يدعم حالياً يدعم بنسبة 85% اي يؤمن العملة الاجنبية بنسبة 85% على القطاعات الاساسية: الدواء، المحروقات والطحين بسعر 1500 ليرة للدولار.