كريم حسامي
الجميع يُذكّر بالمؤتمر الذي عقده رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عامين، أي 2018، حيث ذكَر اسم العالم النووي الايراني محسن فخري زادة قائلاً: "تذكّروا اسمه جيداً"، وذلك للدلالة على أن اسرائيل نفّذت الاغتيال.
لكن هناك تصريح أشد خطورة يمكن من خلاله فهم عدّة جوانب من الأحداث إلّا وهو ما قاله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2017 حين هدّد بإحداث معركة في الداخل الإيراني، وقال: "نعرف أننا هدف للنظام الإيراني، ولن ننتظر أن تكون المعركة في السعودية وان نُلدغ مرتين، بل سنعمل على أن تكون لديهم في إيران".
لا أحد يلقي الضوء على هذا التصريح لأنّ إسرائيل هي دائماً المنفّذ الرئيسي لأي تطوّر أمني يطال إيران، غير أنه من الممكن فهم سياق الأحداث منذ هذا الكلام السعودي حتّى يومنا هذا وما يرافقه من أحداث داخل بلاد فارس، خصوصاً بعد "اجتماع نيوم" الذي نتج عنه اغتيال العالم، والمراقبون بانتظار المزيد من الهجمات.
الردّ الإيراني
كانت تتحضّر ايران قبل اجتماع نيوم أن تكون الضربة خارجية وعملت على تفاديها من خلال وقف الهجمات على القوات الاميركية في العراق، غير أن المفاجأة أتت من داخل البلاد وأسوأ بكثير ممّا توقعّته.
يؤكّد خبراء في السياسة الخارجية أن "أمام طهران مدّة قصيرة للردّ وهامش ضيّق بسبب الضغوط الشعبية والسياسية الداخلية، في وقت أن عدم الردّ لعدم إعطاء إسرائيل ما تريده والانتظار حتى استلام الرئيس الأميركي المقبل خيار ضعيف لكنّه موجود ويمكن تطبيقه".
وأضافوا: "هناك خياران: إمّا احتمال أن يكون هناك ردّ إيراني محدود جدا أصغر من الردّ على اغتيال سليماني وهو احتمال ضعيف لأنّ إسرائيل هي من نفذّت الاغتيال وفق الاتهام الايراني، وبالتالي عليها استهداف مصالح اسرائيلية، أو الخيار الثاني عدم الردّ عسكرياً"، مشددين على ان "الخيار الأخير هو الأرجح لأن إيران ضعيفة وأكبر دليل ما أظهرته عملية الاغتيال من اختراق أمني فاضح في العمق الإيراني بمشاركة إسرائيلية مباشرة عبر "الموساد" والتقنيات الحديثة المستخدمة، فضلاً عن تأكيد الحرس الثوري أن الردّ آتٍ لكنه ليس قريب".
فـ "أب القنبلة النووية" كان يوازي سليماني قيمته في البرنامج الصاروخي والنووي والعسكري، لذلك الانتقام لن يكون أكبر حجماً من سليماني وبالتالي يمكن الاستنتاج ان إيران فقدت المبادرة لحماية نفسها والانتقام لـ"شهدائها" حتّى لو حصل أن ردّت بنحو محدود فلن تتغير أي معادلة في حال عدم وقوع قتلى إسرائيليين/أميركيين.
خيارات ضيقة
من المستبعد الانتقام في العراق عبر استهداف القوات الاميركية، في وقت أن لبنان سيبقى خارج الحسابات خصوصا في ظل انعقاد مؤتمر في باريس لـ"مساعدة" لبنان يعقبه زيارة ماكرون اواخر الشهر المقبل الى لبنان الذي تتزايد فيه مؤشرات التصعيد الأمني من الجانب الاسرائيلي. أما سوريا، فكُلّما تحرّكت إيران هناك كُلّما تلقّت ضربات فورية وقوية إسرائيلية.
يحصل ذلك توازياً مع إرسال واشنطن إحدى أكبر حاملة طائراتها "يو اس اس نيميتز" إلى الخليج تحسُّباً لأيّ ردّ إيراني.
حتّى أن الخلاف الايراني وصل إلى حدّ رفض "الانتقام السياسي"، بعد معارضة الحكومة قرار البرلمان برفع تخصيب اليورانيوم والتضييق على عمل مفتشي الوكالة الذرية.
غير أن الأكيد أن إسرائيل وترامب لن ينتظرا ردّة الفعل بل يبادران إلى فعل كل ما في وسعهما قبل 21 من الشهر المقبل لاحداث خضّة كبيرة تدفع لخلط الاوراق كليا على الرئيس الاميركي.
ما يُخفى من مخططات يبقى دائما أكبر وأخطر بكثير من كل ما يٌفشى لذلك يجب الاستعداد دائما لما هو أسوأ.