يبدو أن الفيروس التاجي الفتاك لن يتوقف ولن يمل حتى يقضي على آخر ذرة حب وحياة فينا، في كل يوم يخطف أحد الأحباء أو الأصدقاء أو الأقارب... هو الموت المحتم علينا، تتعدد أسبابه في لبنان ويبقى كأسه المر واحدا.
بلدة فتري الجبيلية، بكت حرقتها ولوعتها بالأمس، ذرفت دموع الألم والفراق بعد أن رحل الشاب النشيط والمحبوب سامر ضو.
قصة رحيل سامر تحمل في طياتها الحزن الكبير وعلامات الاستفهام الأكبر حول مستشفيات غير مجهزة وعلاجات وأدوية مقطوعة، أسئلة حول مستشفى يطلب من الأهل تأمين الدواء، وفي حال لا تملك ثمنه لا بأس فالموت سيكون سيد الموقف، وفي النتيجة "كلنا على هذا الدرب سائرون"، الا أننا في لبنان خصوصا نسيره بشكل أسرع.
زياد الرموز صديق سامر، كتب مجريات القصة كاملة في حسابه الخاص عبر موقع فيسبوك، وروى قائلا:
"سامر مش مرتاح يا زياد... خير شو بي؟!... السبت انحرّ وتعب كتير نقلنيه على المستشفى وطلع معه كورونا... وصرله من السبت بالعناية الفايقة عم يعطوا اوكسيجين ومنيمينوا على بطنه وبعدا حرارته ٤٢ والاوكسيجين واطي بجسمه..". وتابع: "طيب ما عم يعطوا دوا... ؟ قالولنا مقطوع في منه عند الوكيل والوكيل مسكر.. قلتلا كيف هيك مستشفى مقطوع الدواء وبتطلب منكن تجيبوا انتوا الدوا والزلمي بروح من بين ايديكن.. اتصلت بصيدلية بعرفها بمنطقة الجديدة قالتلي موجود بس لازم تجيبوا تقرير حكيم ووصفة موحدة ونتيجة ال PCR.. وسعره 760,000 ل.ل هيك صار تركوا كل شي وراحوا جابوا الدوا يلي المستشفى ومحيطا مقطوع عندن وبقى الزلمي ٣ ايام بلا هالدوا... نحنا قلنا نشكر الله يمكن هلق بيتجاوب.. انما للأسف بالليل صارت حرارته ٤٣ وبلش يصير قي كسل بالكلاوي ونقص بالاوكسيجن.. واذا بترجع اليوم الثلثاء ٢٤ تشرين الثاني بتقلي بدنا بلاسما من شخص تعافى من الكورونا ...سامر كتير تعبان... وصراحة ما ضلّ مطرح ما اتصلت... مستشفى العسكري...وزارة الصحة..مستشفى الحريري... بنك الدم... DONNER SANS COMPTER... وحطينا الاعلان.. وكل مستشفى تقلي دق لغير مستشفى... وانا قلّن يا عمي انتوا ما عندكن ملف لكل مريض وفئة دمه؟! الى ان حدا منعرفه قدم .. بس للأسف يمكن الوقت ما كان لصالحنا.. والموت ما بينطر حدا... وقف قلبه لسامر من شوي من بعد عدة محاولات انعاش ...".
وأكمل الصديق المفجوع قصته: "ابن ٣٥ سنة يلي عم يحضّر لعرسه... راح... راح بكم يوم.. راح ما في وقت يخبر او يودع حدا... بس راح...".
وسأل: "لأمتين يلي من حبّن رح يضلوا يروحوا... مش صحيح راح من الكورونا.. وهيداك من السرطان..وهيديك من حادث سيارة..وهيداك من رصاص طايش... لك هول عم يروحوا من ورا الإهمال... من ورا الإهمال والفوضى يلي عم نعيشها.. من ورا قلة المسؤولية وجشع المسؤولين والتفلّت الأمني...و دوا ما في... ما عندا المستشفى.؟! مقطوع؟! وانا كيف امنته؟!... وبلاسما مافي.. لك وينا غرفة الطوارئ... ما عندكن Data.. ما بق تعرفوا حدا عامل كورونا وصاحح... ما في بلاسما بالمستشفيات.. لك يا عيب الشوم على هيك لجان وهيك مسؤولين... اي عصر رجعتونا لك عصر الحجري مش هيك.. لك لازم المستشفى يكون عندا صلة تواصل مع اللجان او باقي المستشفيات... لك شو هالمستوى المنحدر يلي وصلناله... لك خليكن على كراسيكن ... وانتوا خليكن عم تزقفولن.. مارح توقفوا الزقيف الا لما يبرم الدولاب وايديكن ما تلحق تمسح دموع الذل والقهر...".
وختم: "اي سامر ضو ابن ال ٣٥ سنة ما مات كورونا مات من اهمال وفشل نظام بإمه وبيّو... نظام سياسي طبي اجتماعي اقتصادي تربوي فاشل فوضاوي... ما فيي قول غير الله يرحمك ويصبر اهلك وكل محبينك.. اليوم سامر يمكن بكرا انا او انت ... الدني دولاب وما حدا فوق راسه خيمه وتصبحوا على وعي".
كلمات حارقة كتبها زياد، كلمات ممزوجة باللوعة والألم والخوف والرفض التام لواقع لا يشبهنا ولا يفيدنا بشيء. نعم نحن هكذا في لبنان، نتساقط كأوراق الخريف وما من أحد يحمينا من السقوط حتى أنفسنا.
بالأمس توفي سامر بسبب اهمال المستشفيات وبكى خطيب سحر فارس عروسه بعد مرور 3 أشهر على انفجار المرفأ تماما كما فعل شقيق الشهيد جو نون، بالأمس دفن يوسف طوق الذي توفي بعد أن أطلق النار عليه أحد العمال السوريين في بشري... كما الأمس كما اليوم والغد... سيبقى الحكم بالاعدام صادر بحقنا... قلت لكم في البداية، تعددت الأساليب والموت واحد، سنرحل واحدا تلو الآخر، أو على شكل مجموعات تماما كذلك الرحيل في 4 آب... ولن يبقى الا منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تذكر العالم بنا!