كريم حسامي
من الصعب التنبّؤ بمسار الأمور في ما يخص تطور الأحداث في الولايات المُتحدة والشرق الأوسط لأنّ ضرب إيران أو حزب الله في لبنان سيُغيّر كل الأمور ويقلب الطاولة على الجميع ويخلط الأوراق من أجل الانتهاء من بناء شرق أوسط جديد لمصلحة الفائز، أي الولايات المتحدة واسرائيل.
قلّل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في مذكراته "الأرض الموعودة" "من تأثير ضربات الطائرات المسيرة "Drone strikes" التي استخدمها في سوريا والعراق واليمن وأفعانستان وغيرها من الدول، قائلا: "لم أكن أرغب بالضربات هذه لكنني كرئيس ليبرالي ارغب بالظهور بالشخصية القوية وليس الضعيفة أمام العدوّ". وللمفارقة كان أوباما أكثر رئيس استخدم الطائرات المسيرة بعد التظاهر بالانسحاب من حروب المنطقة.
فهل يمكن اعتبار ما يفعله الرئيس دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط وإيران حالياً شبيه بماذا فعله أوباما؟
منذ وقت غير قليل، تنقل وسائل الإعلام الأميركية ان ترامب يريد الظهور بمظهر الرئيس البطل قبل المغادرة والرئيس القوي الذي أنهى ولايته بعمل ضخم ويُغيّر في المعادلات أكثر من اتفاقات السلام والعقوبات. فتُقرع طبول الحرب ويطلب خططاً لضرب مفاعل إيران وتزداد التحركات العسكرية التي توحي بالاستعداد لتوجيه ضربة او تلك التي توحي بتفادي وقوع خسائر جراء هذه الضربة واستئناف الضربات الجوية الاسرائيلية.
ويقول ديبلوماسيون إنّ "ترامب يسير في هذا الاتجاه عبر التحرّكات العسكرية الخطيرة في المنطقة، من خلال إرسال قاذفات "B-52" الاستراتيجية ونشرها في الخليج، ما يُعتبر رسالة إلى طهران، خصوصاً بعدما أُنجزت مهمّة الانتشار في مهلة قصيرة" من أجل "ردع العدوان وطمأنة شركاء الولايات المتحدة وحلفائها على المدى البعيد ولمهمة طويلة". وأضافوا: "عندما تكون مهمة هذه القاذفات مساعدة أطقم القاذفات في التعرف على المجال الجوي للمنطقة ووظائف التحكم، تكون قد نجحت في وضع الشكّ والخوف والقلق في نفوس إيران وحلفائها، خصوصاً أنّ المرة الأخيرة التي نُشرَت فيها هذه الطائرات هي في الأيام الأولى من العام عند اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني".
والبرهان على ذلك ما يؤكّده مسؤولون عراقيون مؤخرا إن إيران أصدرت تعليمات لأذرعها في المنطقة بضرورة تجنُّب التوترات مع الولايات المتحدة حالياً، حتّى لا يكون هناك سبباً لشنّ هجمات أميركية على طهران خصوصا بعد ورود معلومات عن خوف جدي من هكذا ضربة، خلال الأسابيع الأخيرة من ولاية ترامب، وذلك بعد زيارة قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني العراق لبضعة أيام ولقائه رئيس الوزراء العراقي مصطفى كاظمي ومسؤولين آخرين، فضلا عن لقائه قادات الحشد الشعبي.
من جهة أخرى وفيما استنفر "حزب الله" قواته العسكرية على الحدود مع تزايد الضربات الاسرائيلية في سوريا ومقتل عدد من العناصر السورية والإيرانية، إضافة إلى تنفيذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارات وهمية مكثفة فوق الجنوب اللبناني توازياً مع زيارة "غريبة وغامضة" لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى الجولان المحتل ومستوطنة في القدس حيث أصدر قراراً بوضع ملصقة على المواد المصنعة هناك لتصنيفها “made in Israel، في خطوة بالغة الدّقة تشي بتطبيق حرفي للبند في "صفقة القرن" المتعلق بضمّ حزء من الضفة لاسرائيل مثلما قال وزير الخارجية الفلسطيني.
وفي تطوّر بارز ولافت سياسياً وأمنياً، التقى بومبيو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية وانضم اليهما نتنياهو لثلاث ساعات وفق ما كشف الاعلام الاسرائيلي، ما يؤشر إلى اقتراب لحظة التطبيع السعودي-الاسرائيلي المباشر بعد استلام بايدن خصوصا بعد تأكيد وزير الخارجية السعودية فيصل فرحان، "الموافقة الكاملة على التطبيع مع اسرائيل بشروط".
أمّا التطور الأمني الذي شكّل رسالة للاجتماع، فصعّدت إيران في اليمن حيث وجّه الحوثيون صاروخ "قدس 2" من اليمن، مستهدِفاً منشأة توزيع "أرامكو" في جدّة حيث عُقد الاجتماع الثلاثي.
وتفيد معلومات أيضا ان الاطراف الثلاثة بحثوا الخطوات المنوي اتخاذها لمواجهة إيران، في امكانية لبدء إسرائيل بالضربة ما استوجب هذه الزيارة السرية والخاطفة الأولى من نوعها لزعيم إسرائيلي إلى السعودية، فهل يفعلها ترامب ويضرب إيران أو حزب الله من دون أي دعم داخلي وخارجي؟ الاحتمال الأكبر هو عدم حدوث ذلك لكن لنترك الأيام والأشهر الأخيرة تتكلّم..