قصّة تُختصر بشعارٍ أصبح واقعاً أكثر من أيّ وقتٍ مضى
قصّة تُختصر بشعارٍ أصبح واقعاً أكثر من أيّ وقتٍ مضى

أخبار البلد - Tuesday, November 17, 2020 8:48:00 PM

لوسيان الهاشم

كتبت المديرة التنفيذيّة للعلاقات المؤسّسيّة في OMT لوسيان الهاشم:
 

نغمض أعيننا حين نتذكّر. لم تسقط ورقة ٤ آب من روزنامة أيّامنا بعد. هي حاضرة في كلّ يوم. ذلك الخوف والقلق على من نحبّ. تلك الأسئلة عن مصدر الصوت... بداية حرب أم انفجار... ومن المستهدف؟

ما لبثنا أن عرفنا أنّها "بيروت"...  لحظات مزيج من الرعب والحزن والحيرة...
هي مشاعر وحّدت اللبنانيين، حتى من هم في الاغتراب. هؤلاء يعيشون قلقهم من بعيد. لبنان، بجماله واليوم بسواد يوميّاته، يلاحقهم حتى أقاصي الأرض.
 
أما نحن فكانت لنا قصّة أخرى مع ما بعد ٤ آب. كنّا بالكاد أزلنا أضرار الانفجار من مكاتب OMT، حين أصدر مصرف لبنان قرار تسليم التحاويل الواردة من الخارج بالدولار الأميركي. يتطلّب تنفيذ هذا القرار في العادة حوالى أسبوع لتعديل البرمجة وتأمين الدولار، ولكن استثنائيّة الوضع، وأجواء التضامن بين اللبنانيين في الخارج مع أهلهم في لبنان، ولأنّ تحاويل الأموال عبر OMT تشكّل مصدراً اساسياً للدولار الذي أصبح توفّره شبه مستحيل، كان التحرّك السريع ضرورياً.
 
قرّر مجلس إدارة OMT تطبيق قرار مصرف لبنان خلال ساعات فقط. بتنا، فوراً، أمام تحدّيات كثيرة، أوّلها من أين نأتي بالدولار؟
 
شهدت مراكز OMT زحمةً كبيرة، وكان معدّل المبالغ المحوّلة منخفضاً في البداية، إذ هناك من حوّل مبلغ ٥ أو ١٠ دولار للتأكّد من أن التحاويل تسلّم بالدولار الأميركي فعلياً. ومع تهافت المغتربين على إرسال الأموال إلى ذويهم في لبنان، تمكّنت OMT، خلال أربعة أيام فقط، من دفع عشرات ملايين الدولارات من احتياطها النقدي.
 
وفي خضمّ كلّ ذلك، ما بين ضغط الناس وغضبهم المبرّر أحياناً، تداعيات الانفجار، وشبح كورونا مع ضرورة الوقاية منه في مراكزنا، استدعانا مجلس الإدارة وطرح أمامنا تحدّياً جديداً يختلف عمّا سبق...


الف قصّة وغصّة...
 
رافقت المسؤوليّة الاجتماعيّة OMT  منذ تأسّست. والمسؤوليّة أصبحت أكبر اليوم، بعد كارثة الانفجار وما خلّفه من ويلات.
 
كان الطرح الأساس أن تدعم OMT ٣٠٠ عائلة، ولكن حين عاينّا الوضع أكثر عن قرب رفعنا العدد ليصل إلى ألف عائلة من الأكثر حاجة والمتضرّرة من انفجار بيروت.
 
ولكن كيف سنحدّد هذه العائلات، وكيف سنتواصل معها؟
 
كانت كاريتاس بالنسبة إلينا الوسيط الأمثل، فهي مؤسسة تعمل مع من هم أكثر حاجة منذ ما قبل الانفجار.
 
تواصلنا مع الأب ميشال عبّود الذي رحّب بالمبادرة وغصنا مع فريق كاريتاس بدراسة التفاصيل الإدارية واللوجستية والأمنية...ومن ثمّ باشرنا بالزيارات الميدانيّة معاً بالتنسيق مع الجيش اللبناني...
 
هنا بدأت قصّة أخرى، أشدّ إيلاماً من كلّ ما سبق. لم يقتصر دعم العائلات على تسديد المبلغٍ الماليّ، بل كنّا نصغي إلى معاناتهم. يتألّمون فنتألّم. يبكون فنبكي. يروون أوجاعهم فنتوجّع. وحين نغادر تلك المنازل المتكسّرة، كما أجنحة ساكنيها، لم نكن نُفرغ ما سمعناه عند عتبتها بل كنّا نحمله معنا إلى الشركة وإلى منازلنا كخبزٍ يوميّ نقتاته بغصّة.

دعمنا، نعم. وتعلّمنا، نعم، وكثيراً. وبتنا نملك في وجداننا ألف قصّة وقصّة، وقصّتنا التي تتجدّد في كلّ يوم. قصّة OMT التي تُختصر بشعارٍ أصبح واقعاً أكثر من أيّ وقتٍ مضى: "حَدَّك".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني