لجأت "المنصة 1"، وهي مساحة تجمع ناشطين وخبراء ومفكرين مبدعين هدفهم تطوير حلول رائدة من اجل لبنان جديد، الى مجلس امناء مؤلف من كل من: الرئيس الفخري الاول لمحكمة التمييز شرفا وعضو سابق في المجلس الدستوري البروفسور انطوان خير، والوزراء السابقون بهيج طبارة، ناصر السعيدي، واستاذ العلاقات الدولية ورئيس جامعة باريسية البروفسور جوزف مايلا، ومديرة مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الاوسط مهى يحى لوضع "ورقة عمل" هي الاولى من سلسلة اوراق سيصدرها المجلس في الاسابيع المقبلة، وفيها:
\\
"كل يوم، يخرج حوالي 12.2 مليون دولار من ودائعنا في البنك المركزي لدعم استيراد الوقود والقمح والسلع الأخرى، ويتراكم هذا الرقم ليبلغ 4.445 مليار دولار كل عام.
أما الغرض المُعلن من هذه الإعانات فهو تخفيف عبء شراء هذه الأصناف عن المواطنين اللبنانيين العاديين، لا سيما المحرومين منهم اقتصادياً.
ومع ذلك، ووفقًا لأكثر التقديرات تفاؤلاً، فإن 2.4 مليون دولار على الأكثر من هذا الدعم اليومي يفيد في الواقع اللبنانيين ذوي الإمكانات الاقتصادية المحدودة، أما الباقي، أي ما يوازي 9.8 مليون دولار، فيستفيد منه الأغنياء والوسطاء والأشخاص الذين يعيشون في سوريا. وفيما يلي تفصيل تقديري للمستفيدين من الدعم:
نحو 20٪ فقط تصل إلى اللبنانيين الأكثر احتياجاً؛
نحو 30٪ يستفيد منه المقيمون في سوريا من خلال المحروقات والقمح التي تعبر حدودنا بشكل غير قانوني؛
نحو 10٪ يستفيد منها الوسطاء والمستوردون، ويستغل معظمهم غياب الشفافية والرقابة في المشتريات لتضخيم أسعار الشراء؛
نحو 40٪ يستفيد منها الأغنياء اللبنانيون الذين لا يحتاجون إلى هذه الإعانات.
في المقابل، يستمر النزف اليومي لحساب البنك المركزي بالدولار مساهماً في تدهور قيمة الليرة، ويقلل من قيمة الودائع بالدولار في المصارف اللبنانية ويصعّب الوصول إليها.
كل يوم تتأخّر الحكومة فيه في تصحيح هذا الوضع يكلف المواطنين اللبنانيين 9.8 مليون دولار إضافية في إنفاق لا يحقق الغرض المقصود منه.
ثمة بديل، ويمكن تنفيذه بسرعة وفعالية في حال توفّر الإرادة السياسية
يمكن أن تعمد الحكومة الى ترشيد برنامج الدعم الخاص بها وتعيد توجيه بعض أجزائه نحو التحويلات النقدية غير المشروطة والمتعددة الأغراض التي تستهدف السكان الذين يزداد فقرهم في لبنان، ومن ضمنهم الطبقة الوسطى التي تتراجع تدريجياً لتنضم الى صفوف الفقراء. ومن شأن برنامج التحويلات النقدية الموجّه أن يمكّن المستفيدين من الإنفاق على ما يحتاجون إليه، وليس على ما تعتقد الحكومة أنهم بحاجة إليه.
ويمكن أن تظل الإعانات المتعلقة بالقمح والأدوية الأساسية سارية حتى يتم إنشاء برنامج شبكة أمان اجتماعي كامل، ولكن فوائد إعادة توجيه التمويل من برامج الدعم الأخرى (بإجمالي 3.4 مليار دولار) إلى برنامج التحويلات النقدية حقاً مذهلة.
ويقدر البنك الدولي كلفة برنامج التحويلات النقدية هذا بنحو 1.5 مليار دولار في السنة، ومن شأن هذا البرنامج أن يغطي ما نسبته 100٪ من نفقات الأُسر اللبنانية الأكثر حرمانًا (25٪ من السكان)، وما نسبته 48٪ من نفقات الأُسر الأقل حرمانًا (25٪ أخرى من السكان)، وما نسبته 41٪ من نفقات الأُسر اللبنانية الأفضل حالًا (25٪ أخرى من السكان).
ويمكن أن يطال هذا البرنامج ما يقارب 75٪ من المواطنين اللبنانيين - الذين يقعون تحت خط الفقر، بحسب أحدث التقديرات.
باختصار، من خلال إزالة 3.4 مليار دولار من دعم النقد الأجنبي وإعادة توجيه جزء منه إلى برنامج تحويل نقدي مباشر، سيحصل اللبنانيون المحتاجون على 2.5 مليون دولار إضافية كل يوم، وسيتجنب البنك المركزي إنفاق 5.2 مليون دولار يوميًا على إعانات لا تصل إلى المستفيدين الذين من المفترض أن تساعدهم.
يمكن تطبيق برنامج التحويلات النقدية من خلال مزيج من التدابير التي تشمل توسيع المنصات الحالية مثل البرنامج الوطني لاستهداف الفقر وإطلاق نظام رقمي للتسجيل والمدفوعات للمواطنين المستهدفين. ويتوجب تنفيذ هذه التدابير تحت إشراف البنك الدولي أو المؤسسات الدولية والوطنية الأخرى لضمان الفعالية والشفافية والحوكمة الرشيدة، ما من شأنه أن يمنع هذا البرنامج من أن يصبح برنامجاً آخر للفساد والمحسوبية. سيحرص البرنامج الإصلاحي على وصول الدعم إلى الفقراء والمحتاجين والمهمّشين اللبنانيين تزامناً مع وقف استنزاف احتياطي المصرف المركزي بالدولار.
إنها أولوية، وهي قابلة للتنفيذ فوراً، وكل يوم نضيعه يزيدنا كلنا فقراً دون أن يحمي أكثرنا فقراً"!