كريم حسامي
تتّجه الأمور في الولايات المتحدة، التي تعيش أوضاعاً سوريالية وحرجة لم تكن لتتخيّل رؤيتها منذ تأسيسها وإعلان استقلالها، رسمّياً إلى المجهول.
المؤشرات إلى ذلك عديدة وتسلسل الأحداث يؤكّد ذلك بنحو غير مسبوق لأنّ بلاد "العمّ سام" باتت مُهدّدة وأصبحت برأسين ورئيسين، فأي دولة ستعترف بترامب بعدما اعترفت الأكثرية ببايدن؟
كل التطورات السياسية والأمنية، من تزوير الانتخابات والتلاعب بالأصوات وأحاديث الرئيس دونالد ترامب المُكرّرة عن فوزه (وكأنه يُحضّر لولاية ثانية) ومخطّطات أخصامه الديموقراطيين لسرقة هذا الفوز مروراً بتأمين حماية لمرشّحهم رئيس البلاد جو بايدن عبر وكالة الخدمة السرية التي أعلنت حظر تجول فوق منزله وفي محيطه، فضلاً عن التقارير التي تفيد أنّ "ترامب لن يغادر البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المقبل"، وهو ما ألمح اليه شخصياً في ليلة الانتخابات عند قوله إنّه من السهل الفوز لكن من الصعب الخسارة ولم يُجهّز concession speech حتّى الآن ومن المرجّح عدم إلقائه.
إلى ذلك، ما هو لافت للانتباه تحضير الأرضية والأجواء لعزل الرئيس الأميركي كُلّياً وتهديده بالاعتقال وطرده من البيت الأبيض عبر نشر تقارير عن تخلي عدد من مستشاريه والمقربين منه عنه، فيما نقلت مجلة "نيوزويك" عن مصادر حكومية، أنه "في حال الوصول إلى سيناريو رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض، فإنّ الخدمة السرية (التي كانت تحميه) هي التي ستخرجه من البيت الأبيض وتطرده منه بعد إتمام وإنهاء ولايته الرسمية"، مؤكّداً أنه سيُعامل كأي رجل عجوز يتجول في ممتلكات الغير ويعتدي عليها.
هذه النقطة بالذات أثارها وحذّر منها بايدن قبل الانتخابات ورئيسة مجلس النواب نانسي بيولسي في سيناريو آخر يوحي كأنّ لديهم فكرة عمّا كان يمكن أن يجري حرفياً مثلما كان ترامب يحذّر من سيناريو الغشّ والتزوير وتصويت الموتى وغيرها من الامور التي استخدمها الديموقراطيون لتنفيذ انقلاب على ترامب.
وبالتالي، نرى أن الجمهوريين لم يتخّلوا عن ترامب لسبب بسيط وهو أنه لا يزال يتمتّع بدعم نصف الشعب الأميركي وفق ما أظهرت الانتخابات ولديه قاعدة أقوى من 2016، لذلك يقفون خلفه ويجمعون المال لدعم الدعاوى الـ12 التي رفعها مثلما دعم مواقفه السناتور الجمهوري ليبنسي غراهام.
هنا، تجدر الإشارة إلى أن الـ establishment انتظرت أربعة سنوات، وتحديداً حتّى الانتخابات، للانتقام من ترامب بعدما فشلت كل المحاولات السابقة وأهمّها قضية التدخّل الروسي، فهل تنجح المحاولة الأخيرة لكن هذه المرّة بالقوة؟ الأيام حتّى 20 كانون الثاني ستكون مصيرية.
من جهة أخرى، نّفذت أميركا ضربة عنيفة على لبنان عبر بدء فرض عقوبات على شخصيات سياسية من الصفّ الأوّل والثاني، بينهم حلفاء الأميركيين وحزب الله الرئيسيين المحيطين برئيس الجمهورية الذي يدير المفاوضات مع إسرائيل، وذلك بعدما هدّد وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس بضرب أهداف تابعة للحزب في الأحياء السكنية في انتظار زيارة ماكرون الشهر المقبل. وبالتالي، ماذا سيكون الثمن الذي سيدفعه حزب الله بعد العقوبات الجديدة؟
والجدير ذكره أنّ المعلومات تؤكّد أنّ هذه المرحلة ستكون لاهبة في الشرق الأوسط وأن تشهد أحداث كبيرة لأن إدارة ترامب تُحضّر لعقوبات أسبوعية على إيران وحزب الله وحلفائه حتّى الوصول إلى 20 كانون الثاني ليكملها بايدن الصهيوني وفق قوله وحليف الدولة العبرية القوي، وهذا المسعى يجري توازياً مع زيارة وزير الخزانة الأميركية إسرائيل ووزير الخارجية مايك بومبيو في 18 الجاري.