الإسلام السياسي يهدد فرنسا .. تخوف من نزعات انفصالية تغزو بعض المدن!   
الإسلام السياسي يهدد فرنسا .. تخوف من نزعات انفصالية تغزو بعض المدن!   

خاص - Tuesday, November 10, 2020 3:46:00 PM

 

باولا عطية 

أصدر مجلس الشيوخ الفرنسي تقريرا عن التطرف الإسلامي في فرنسا والذي يزداد في بعض المناطق، مشيرا إلى أنّ "مؤيدي الإسلام السياسي يسعون إلى السيطرة على المسلمين بهدف انشاء الخلافة ويغزون بعض المدن لأهداف انفصالية خطيرة".  

والتقرير الذي أعد بناء على 70 مقابلة أجراها أعضاء مجلس الشيوخ مع باحثين وناشطين وجهات فاعلة في المؤسسات وقادة سياسيين، قدّم نحو 40 إجراءً للحد من "التطرف الإسلامي في فرنسا، ومن بينها منع التحريض والخطابات الانفصالية ومراقبة بعض المدارس والجمعيات وتوعية المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام". 

وحّذر التقرير من احتمال خروج بعض المناطق الفرنسية عن سلطة الجمهورية ما قد يهدد فرنسا ويجعلها عرضة للتفكك والتقسيم. 

هذا وتضمّ فرنسا حركات إسلامية متشددة تدعي انها غير عنيفة منها الحركات السلفية التي تتضمن حوالي 40 ألف مسلم في فرنسا وحركة الاخوان المسلمين والتي تتضمن حوالي 50 ألف مسلم. 

وقد لا يقتصر التخوف من نزعات إسلامية انفصالية على فرنسا وحسب بل قد يتعداها الى كافة دول الاتحاد الأوروبي والذي يبلغ عدد المسلمين فيه 44 مليون نسمة! وتعود أولى أسباب ارتفاع عدد المسلمين في أوروبا إلى فتح دول الاتحاد الأوروبي أبوابها للاجئين السوريين بعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، الا انّ ما لم تتنبه اليه هذه الدول هو مدى قدرتها على دمج هؤلاء الافراد، ذو الثقافة والعادات والطقوس والمعتقدات المختلفة اختلافا جذريا عن المعتقدات الفرنسية، في المجتمع الفرنسي، وهو على ما يبدو ما عجزت فرنسا عن تحقيقه ليرتد عليها. 

ويردّ المحامي والباحث السياسي روجيه كرم أساس المشكلة إلى "تصادم بين نموذجين ومنظومتيّ قيم". وهو يعتبر أن "النموذج الفرنسي للأمّة أيّ النموذج الجمهوري شديد المركزية، المستند إلى إرث الجماعات اليعقوبية وإلى فهم حادّ للعلمانية وتاريخ طويل من العداء مع السلطة الدينية ومع أشكال التديّن الراديكالية، معرّض أكثر من غيره للصدام مع الخصوصيات الثقافية التي تجد التعبير الأبرز عنها اليوم في التعامل مع مجموعات المسلمين داخل فرنسا". 

 ومكمن المشكلة يتمثّل بالنسبة للباحث في "مسألة الاعتراف بالتنوع الثقافي والهويات، حيث أن المقاربة الفرنسية لحقوق الإنسان تستند على المفهوم الليبرالي الكلاسيكي الذي يركّز على حقوق الأفراد ويرى في الاعتراف بحقوق الجماعات تهديداً خطيراً للقيم المؤسسة للدولة الفرنسية. وفي هذا السياق يمكن فهم مشروع الرئيس ماكرون في إطار التصدّي لما أسماه بخطر "الانفصالية الإسلامية".  

ويلفت كرم في حديث لموقع "vdl news" إلى انه "في ذلك يختلف النموذج الاندماجي الفرنسي عن نماذج غربية أخرى للأمة نجدها خاصة في بريطانيا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة، وهي نماذج تحترم التنوع والاختلاف وتراعي أوضاع الجماعات لا سيّما الأقليات من ذوي الثقافات المغايرة من خلال طرح مفاهيم جديدة مثل التعددية الثقافية وإدارة التنوع وتدابير التمييز الإيجابي والصوابية السياسية وغيرها". 

 

 ويتوقع الباحث أن "تشهد أوروبا توترات ثقافية في ظل التغيّرات الديمغرافية وزيادة أعداد المهاجرين لا سيّما من البلدان الإسلامية بعد عقود طويلة من فتح الحدود أمام استقبال المهاجرين وفسح المجال أمام تمويل بعض الدول الإسلامية للمجموعات المسلمة والجماعات الإسلامية داخل أوروبا. وربما تكون فرنسا أكثر الدول التي سوف تشهد مثل هذه التوترات نتيجة التصادم الحاد بين منظومتيّ قيم والطبيعة المركزية للنموذج الفرنسي وتصدّيه للنزاعات الانفصالية، فضلاً عن مساحات التهميش الاجتماعي التي يحتلّها المهاجرون داخل فرنسا ناهيك عن إرث فرنسا الاستعماري والنظرة التاريخية إليها بوصفها حامية للكاثوليكية وهي مسائل لا تزال عالقة في الأذهان". 

ويضيف "إلاّ أن باقي البلدان الأوروبية ليست بمأمن عن ذلك إذ أن النماذج التعدّدية تعزّز بدورها من التمايز الثقافي وهو ما يؤدّي في الحالات الراديكالية إلى تصاعد وتيرة النزعات الانفصالية بصورة أكثر حدّية مع تقدّم الوقت". 

في الختام يبدو ان مستقبل الاتحاد الأوروبي في خطر، وهو ذاهب الى المزيد من التفكك، فبعد الضربة الاقتصادية التي تلقاها جراء خروج بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي بعد ما يقارب نصف قرن من انضمامها إلى هذا التكتل الإقليمي، يواجه الاتحاد الأوروبي اليوم ضربات أمنية عنيفة تتمثل بعمليات طعن، قتل وتفجير كان آخرها هجوم فيينا، ويتصادم مع اختلافات ثقافية دينية متعصبة تهدد مدنه بنزعاتها الانفصالية.

وبين الإسلام الديني والإسلام السياسي فروقات تحدّها قدرة الأفراد والحكومات على حد سواء على الفصل بينهما، فهل تنجح سياسات الاتحاد الأوروبي على احتواء المسلمين؟ أم اننا ذاهبون الى مزيد من التصعيد وربما تصادم مباشر بين حكومات هذه الدول والمسلمين المتطرفين؟

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني