الاعلامي بسام برّاك
مهما بعدتَ في الزمن وابتعدتَ صعودًا نحو السماء يظل تَمَولدُك القدسيُّ أيها اليوحنا بولس الثاني حالًّا في الأرض، وعيدُك قديسًا في تشرين الأول لا ثاني له .
يا من غيّبك أبناءُ بيعتِك قصيدةً لا يُنسى وقعُها في هذه السنة الحافلة بمئوية ولادتك المتراميةِ السنوات في سنة جائحة متتاليةِ الوفَيات.
لك هتافٌ من لبنان المبحوحِ السلام... نعم بُحّةُ السلام تميل الى الحرب ..والإيحاء بالإيجاب تأجيلٌ للسلب، والتأرجح بين السينودوس واللاسينودوس التواءٌ في الدرب..
أتذكُرُ؟ أتذكرُ ثالوث أيامك هنا حيث عبرتَ وركعتَ وقبَّلتَ ورفعتَ وباركتَ حين زرت جيلَ الحرب وعقدتَ الأملَ أن يكونَ أبناؤه جيلَ السلم... حينها، كنا نحترف الفرح استثنائيًا، والانتظارَ لرؤيا أرضيّة لم تَحدث إلا معك، ولريح تهبُّ علينا بنعمة سلامٍ من ثنايا ثوبك الأبيض .
كنّا نهيّئُ الطرقاتِ والأرصفة لتتماثلَ وعبورَك ، نجلّل لبنان ببُردةَ المحبة، نرشّه، نملأه ورودا نقرع الأجراس ونضيء الليل. ولكثرة ما أحببناك وشدَدناك الى قلوبنا وصوّرناك في بيوتنا نسينا أنّك بولوني وأنك رئيسُ أساقفة روما وأن مركزَك في الحاضرة الفاتيكانيّة.. خلناكَ لنا، وكأن لبنان أنجبك لدى ولادته الكبيرة عام ١٩٢٠ خارجَ أرضه فأراد استردادَك.
أتيت عام ٩٧ حين كنا لا نزال وطنا خُطف شبابُه واستُشهد أبطالُه، بكت أرامله توجعت ثكالاه .إنهارت مبانيه وتدحرجت أحلامُه وبترت جغرافيته من صفحة تاريخه.
يوحنا بولس الثاني، حين غادرتَنا كان جيلٌ مأخوذٌ بالبابا موبيبلي يعِدُ ذاته بعودتك...هي السيارة لم تُرجعك أم أن قداستك لم تحرّك محركاتها صوب زحمة خطايانا وأخطائنا ...
ليس مهما، الأهم أنك منذ يوم رحلت والتمّ العالم ليشكر َروحَك اتّقادَها في العتم لا نزال نصليك لتبقى معنا على خط لبنان الساخن دوما مستمعا وكأننا في كرسيّ اعتراف وانت المسنّح الغافر ...فلا تنسَ كل صباح حين تُلقي فجرَك بين يدي الله أن تقول له:
إنّ في لبنان أراملَ على قدْر ما في الجدران من صُور .
إنّ في لبنان أبطالا على قدْر ما في الموت من شهادة.
إنّ في لبنان قديسين على قدر ما في شربل والحرديني ورفقا والكبوشي من قداسة.
إنّ في لبنان أطفالا على قدر ما في السهول من سنابل.
إنّ في لبنان قيودا على قدر ما في السجون من حيطان.
إنّ في لبنان حريّة على قدر ما في الساحة من ساحات.
إنّ في لبنان رجاءً على قدر ما في السماء من سموات.
إنّ في لبنان طوائفَ على قدر ما في الدين من اديان.
وإن في لبنان نَهبًا على قدر ما في الأيادي من أصابع .
أيها الصخرة، هزّ معه الصخرة، هزّ معه الجبال، أنقلاها الى البحار . هزّا معا الضمائر – ضمائر الرجال- كي يبقى الضمير في وطني لبنان.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا