راكيل عتيق
يحذّر النائب العميد شامل روكز من توترات أمنية محتملة وعمليات إرهابية بمختلف أشكالها من التفجيرات الى الاغتيالات، وفق معطيات ومعلومات حسّية. وإذ يعتبر أنّ التغيير في أي انتخابات نيابية، في ظلّ قانون مفصّل على قياس السلطة، من الصعب تحقيقه، يدعو الى عقد مؤتمر وطني، يطرح فيه كلّ طرف لبناني رؤيته لنظام جديد من دون أي تخوين. وينصح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتغيير فريق عمله الذي فشل في مهمته.
بعد انفصاله عن السلطة بخروجه من تكتل «لبنان القوي» النيابي، يستمرّ روكز في السير عكس التيار السياسي العام، وليس فقط عكس «التيار الوطني الحر»، علماً أنّ ارتباطه بالسلطة كان محصوراً بترشحه الى الانتخابات النيابية عام 2018 على لائحة «التيار» في كسروان، وهو يعتبر نفسه أنّه «ما زال جديداً في الجو السياسي».
وفي إطار رؤيته للحلول الآنية للأزمات المتفاقمة في لبنان، في ظلّ الوضع والنظام القائمين، يقول روكز لـ»الجمهورية»، إنّ «الحديث عن رفع الدعم عن المواد الأساسية قريباً ينذر بكارثة معيشية»، معتبراً أنّ «هذا الأمر ضمن الوضع المالي ـ الإقتصادي بكامله، يتطلّب حلاً سياسياً سريعاً وتعاطياً إيجابياً مع المجتمع الدولي. فالوضع لا يتحمّل التكابر بحجة الوطنية أو الاستقلالية، وكأنّ المجتمع الدولي يريد أن ينتدبنا».
وفي حين قٌرأ في كلام الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة، إغلاقاً لباب التفاوض مع صندوق النقد الدولي، يرى روكز أن «لا إمكانية لإغلاق باب المفاوضات هذا»، ويسأل: «أي خيارات أخرى أمامنا؟ ماذا نأكل في لبنان؟ عشب؟». ويشدّد على «ضرورة إيجاد طريقة لفتح باب التفاوض والحصول على مساعدات من كلّ من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والمجتمع الدولي من أوروبا الى الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا.. لكي يساعدنا الخارج ونتعامل مع الدول كلّها بكرامتنا، فهي من تطرح المساعدة فهل نرفضها؟». وفي هذا الإطار، يعتبر أنّ كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد عرقلة مبادرته والاتهامات التي وجّهها الى السياسيين، «هو حقيقة وواقع وهو موجود في ضمير كل لبناني إذا كان يقوله أم لا، فهكذا ينظر اللبنانيون الى السياسيين».
موقف روكز من الحكومة الذي أكّده خلال استشارات التأليف التي أجراها الرئيس المكلّف المعتذر مصطفى أديب، ليس جديداً. وهو كان دعا أديب الى «تأليف حكومة مستقلة عن اللوردات الموجودة في البلد، ومتواضعة شكلاً ومضموناً»، الأمر الذي عرقلته الجهات السياسية. وعن تقييمه لأداء رئيس «التيار» النائب جبران باسيل في عملية التأليف الأخيرة، يقول روكز: «للأسف إنّ عملية التأليف كانت تدور حول الثنائي الشيعي والرباعي السنّي».
التواصل بين روكز وباسيل ما زال مقطوعاً، فيما هو مستمرّ بينه وبين عون من خلال لقاءات في القصر الجمهوري، حيث «يتساير الرئيس وصهره العميد».
وعن الانتقاد الذي يلقاه عون من اللبنانيين، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يقول روكز: «الناس مقهورون ويعانون وينتقدون الجميع، ومن هم في محيط الرئيس عون لم يكونوا بمقدار المرحلة الصعبة في ظروف متداخلة ومتشابكة، ولقد فشلوا في عملهم». ويعتبر أنّ «فريق عمل عون كان يُفترض أن يخلق حوارات ومساحات في الداخل والخارج ومع جميع القوى السياسية، وأن يحضّر انطلاقات مشاريع في كلّ الشؤون، لكن الأمور وصلت الى أن تتحوّل مسؤولية الرئيس الشخصية، فهو مسؤول في خياراته، وأحدٌ لم يفرض عليه من هُم حوله، وهذه سياسته وفريقه». وعن إمكانية تعويم ما تبقّى من عهد عون، ينصح روكز رئيس الجمهورية بـ»تغيير فريق العمل، فالمهم أن يؤسّس للسنوات المقبلة، وهي ليست مسألة عهد بل بلد».
أمّا عن اعتباره «مهادناً» مع «حزب الله»، يقول روكز: «لست محايداً بل إنّ دعمي كلّه هو للجيش اللبناني»، موضحاً أنّ «حدود العلاقة مع «حزب الله» هي تفاهم مار مخايل 2006، انطلاقاً من أنّ المجموعات اللبنانية السياسية يمكنها أن تتفاهم بعضها مع بعض»، مشيراً الى أنّه «مع إقرار استراتيجية دفاعية، وأن يكون قرار الحرب والسلم للدولة، وأن يتولّى الجيش اللبناني المواجهة الأساس. لكن إذا حصل خرق للأراضي اللبنانية فكل لبناني من واجباته أن يكون مقاوماً في هذه اللحظة». ويؤكّد أنّه «ليس مؤيّداً لـ»حزب الله» في السياسة بنحوٍ مطلق»، مذكّراً بموقفه على سبيل المثال، من رفض حصر وزارة المال بالطائفة الشيعية واعتباره «أنّ تخصيص الوزارات أمر مخالف للدستور».
أمّا عن التعاطي السياسي في ملف التأليف والجلسة التشريعية الأخيرة ومع الأزمات المستفحلة، يرى روكز أنّ «هناك انعداماً في المسؤولية وترفاً في التعاطي السياسي بطريقة وسخة جداً، مع شعب يعاني ويتألم ويدفع الثمن». ويقول، إنّ «ظروف الشعب وطبابته وتعليمه ومعيشته ووضعه الإقتصادي والاجتماعي في جهة، والطبقة السياسية في جهة ثانية، وكأننا في حالة عادية». وإذ يشير الى اعتداد البعض بتقديم وإقرار إقتراحات قوانين وتشريع صرف أموال، يسأل :»من أين سيأتون بالأموال؟». أمّا قانون «الإثراء غير المشروع» الذي اعتبره باسيل «إنجازاً للتيار»، يقول روكز: «إنّه مهم جداً لكن كيف سينفذونه؟ ومع من سيحققون؟»، مشيراً الى أنّه «يجري التداول بأسماء في الاعلام، ما يُعتبر إخباراً، فمن استدعى القضاء ومع من حقّق؟».
ويستغرب روكز «كيف أنّ الشعب اللبناني بكامله ليس موجوداً في الشارع على رغم الأوضاع المأسوية وكلّ ما يفعلونه به». ويؤكّد أنّ «المبادرات السياسية والتشريعية كلّها هي لإرضاء الناس إعلامياً لكن لا جدوى منها». ويأسف «لأنّ السياسيين وطريقة العمل أدّوا الى تيئيس الناس ودفعهم الى الهجرة، بدلاً من أن يثوروا لتغيير مستقبلهم».
أمّا عن الحلّ المستدام، فيرى روكز أنّه «يجب عقد مؤتمر وطني يطرح فيه كلّ طرف أي نظام يريده بعيداً من التخوين، فهناك معاناة شعب ويجب أن يعبّر عن نفسه، ويجب إيجاد أطر لنظام سياسي جديد تريح الجميع، ولا يجب أن يكون هناك أي طرح مُحرّم، وأن لا يُخوّن من يطرح اللامركزية الإدارية الموسعة أو حتى الفدرالية».
أمّا عن رؤيته للنظام الجديد، فيوضح روكز، أنّه «مع اللامركزية الإدارية الموسعة الى أقصى حدود، التي لا تنجح إلّا إذا كانت الدولة المركزية قوية، فيجب ترك فسحة للناس للتعبير عن أنفسهم ولإدارة مناطقهم، وأن تكون هناك خصوصية لكل منطقة، سياحياً وتجارياً..».
وعن تجربته مع «الثوار» وتكوين تجمع سياسي جديد، يقول روكز، إنّ «الأساس هو الفكر السياسي وهو يتطلب عملاً، خصوصاً أننا في مرحلة تغيير. نعمل على تجمّع ولكن من دون تسرّع في القرارات وبالاتفاق مع الذين سنتعامل معهم، فهناك أفكار مختلفة وتناقضات في الثورة». ويغمز من قناة «المعارضين الجدد»، ويقول: «لكلّ مجموعة سياسية تاريخ طويل، ولا يمكن القياديون فيها القول الآن إنّهم «أوادم»، الجميع يعرفهم ويعرف تاريخهم». ويرى أنّ «قانون الانتخاب مفصّل على قياس الأحزاب السياسية، ويجب أن يحصل ضغط شعبي لتغيير القانون، لتكون هناك فرصة ديموقراطية للتعبير وإيصال قيادات جديدة الى مجلس النواب».
وفي ظلّ كلّ هذه الأوضاع، وبعد العمليات الإرهابية الأخيرة التي أدّت الى استشهاد عسكريين، فضلاً عن التشنجات السياسية، يحذّر روكز من الوضع الأمني، انطلاقاً من تتابع العمليات في الشمال، فضلاً عن معلومات عن احتمال استخدام أجهزة مخابرات، المخيمات الفلسطينية لتوتير الساحة الداخلية.
ومن هذا المنطلق والى أسباب عدة، يرفض روكز «إقرار قانون العفو العام، وإخراج إرهابيين من السجون قد يعودون الى تنفيذ العمليات الإرهابية». ويعتبر «أنّ ملف السجون يجب أن يُقارب من ناحية انسانية وليس من زاوية العفو العام بمنطق طائفي وانتخابي شعبوي».
«لحلّ سياسي سريع وتعاطٍ إيجابي مع المجتمع الدولي، فالوضع لا يتحمّل التكابر بحجة الوطنية»