بشير.. "هو الصّليب.. تَزامنَ معك"
بشير.. "هو الصّليب.. تَزامنَ معك"

خاص - Thursday, September 17, 2020 8:46:00 PM

الاعلامي بسام برّاك

ما أقساك وأنتَ مُصِرّ منذ أربعة عقود على أن تُواربَ الباب بيننا وبينك. لسنواتٍ أولى بعد رحيلك ابتدعنا الأمل، اختلقنا حكاية لنا ولأهلنا ولأولادنا المفترَضين. صرنا كلّما انتصف أيلول نقف في منتصف الطريق نرتقب عودةَ دعساتك.صدَّقنا الحكاية ورُحنا نقول: إنك عائد. إنك راجع. إنك لم تسقط كلُّك في ذلك اليوم بل بقِيت منك إصبعُك ومحبسُك وثيابُك ورائحةُ الحياة فيك رغما عن موتٍ انقضّ عليك.
هو الصليب تَزامن معك أو تزامنتََ معه، لا نعرف. لكن الفرق أن الجلجلة في لبنان بدأت بعد استشهادك لا قبلَه. أخذتَ صليبك الى قيامتك أنت وتركتَنا مشتّتين في مراحلَ فاقت الأربعَ عشرة. منذ غادرتَ ونحن نعدّ أثقال لبنان سنةً بعد سنة، ونشطب أحلامًَك بلبنان حلمًا بعد حلم.
اليوم نقرع أجراسَ أيلول الحزينة. نحمل صليبنا الترابيّ ونسير الى ذكراك، وهل نسيناك؟ نذهب الى غيابك نستردُّك. فنحن ليس لنا إلا واحدٌ وعشرون يوما نستحضرها ونعيدُها الى روزنامة العمر. سنعيشها ونحن عارفون أننا فاقِدوها بعد حين، لكن الحلم ينبغي أن يعود، فالحلم وحدََه أثبت أنه الظلّ القادرُ على أن يسبقَ وجوهنا وجفوننا الى الشمس وإلى الحريّة.
سوف نحمل الصليب عاليًا صاخبا. فالصليبُ بات عرفَنا وعاداتِنا الإيمانية وواجباتنا الدينية. هو الوجع والبلسم. هو الحِداد والفرح. هو الدّمع والابتسام وهو الموت والقيامة.
سنترك لك الساحة لتقفَ فيها بصوتك ونبرتك وحماستك ورفضك وإصرارك وثورتك قبل أن نرجع الى زواريبنا. حَمِّلنا زوّادة لسنة أخرى على مشارف التاسعة والثلاثين من غيابك. ومن يعلم؟ قد يطول الوقتُ ولا يلمّنا موعدٌ آخر. قد نخسر ونحن راجعون من عندِك كلامَك، ونبيعَ وطننا بكيس من الفضّة. قد ننسى أننا كنّا قبل قليلٍ معك، لانّ أهوالَ هذا الوطن أفقدتنا ذاكرتَنا ولولا أنك في العمق راسخ، في الجرح نائم، في الحلم دائم، لَما كنتَ وجعَ ذاكرتنا وسببَ عدم شفائنا منك.
بشير، معك سنُبقي احتمالات العيد والأجراس والقباب مفتوحةً وممدودة كأيادينا في الأبانا، مشرّعة كرَفعة النداء والخبز وارتقاء الصليب عن نيّة جيلٍ لا يعرفك إلا في الأناشيد والكتب وحكايات الطرقات. جيل لا ينقصه الا أنت، بل قل: مَن ينقصه هو أنت. جيلٌ لم تكن أمهاته قد حُبِلنَ به وأسكنّه أحشاءهن للايام الآتية بأعراس رأينَها في عرس رئاستك . جيل ارتكض في رحم لبنان وأطلّ على أرضه بعد فوات أوانك.
وحتى استنبات لبنانك من تحت ترابك ومن تحت سمائك، نحن مضطرون لمصارحتك بأن لبنان مشروعٌ وقف التنفيذ، وأنّ على منوالك لم ينتَخَب رئيسٌ ولن، لصعوبة دفتر شروطك وكتاب أحلامك، وأوراق آمالنا المتطايرة.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني