وقف مقابل المرفأ، ألقى سلامه الأخير لبيروت من هناك في 28 تموز ثم رحل في 1 آب!
هو الشاب ايلي كعدي، ابن الـ30 عاما، صاحب القصة التي تحاكي الأفلام الخيالية، قصة تستحق التحدث عنها ولو بعد مرور شهر على انفجار العاصمة.
"هي كانت آخر لوحة رسمها، انتهت منذ 3 أشهر، أراد ايلي أن يجسد من خلالها بيروت في السبعينات، بكل ما كان فيها من أحداث وزحمة وتطورات ونهضة... هو رآها بعينه الثاقبة الجميلة كما لم يرها أحد، أراد أن يجسدها في رسم الا أن الصدمة كانت أكبر من الواقع!"، هذا ما قاله صديق ايلي وشريكه في العمل أنطوني يوسف لموقع VDLnews.
وتابع يوسف حديثه الذي بعثرته الحقائق ووهلتها قائلا: "يوم 1 آب كنا تواعدنا أنا وايلي أن نلتقي حتى نكمل أعمالنا، الا أنه وخلال استحمامه تعرض لصدمة كهربائية خطفته من بيننا... هو الشاب النظيف والطموح والمحبوب، هو الذي لم يؤذ أحدا قط، خطفه الموت من بيننا بلحظة".
وأضاف يوسف: "أصدقاء ايلي ومعارفه يعملون جميعا تقريبا في محيط مبنى النهار ووسط بيروت، الا أننا اجتمعنا جميعا في منزل ذويه في 4 آب، ذلك اليوم المشؤوم، حتى نصلي عن راحة نفسه ونقدم واجب العزاء لأهله، وفي تلك اللحظة وقع الانفجار وحلت الكارثة، الا أن أحدا منا لم يصب بمكروه لأننا لم نكن موجودون في المكان".
وبغصة وحب تام، علق يوسف قائلا: "وكأن ايلي لم يكتف بمحبته لنا في حياته فخلصنا من الموت والاصابات عند رحيله".
الا أن لب القصة لم يكتمل بعد، فالصدمة الكبرى كانت باللوحة الأخيرة لايلي، والتي شارك يوسف VDLnews صورة عنها.
وتابع الراوي حكايته بالقول: "بعد وقوع الانفجار لم نتمكن الا من مقارنة اللوحة بالمشاهد على الأرض، وكأن اللوحة ترجمت الواقع قبل أن يحدث، من مجسمات الاهراءات تحت السماء في الصورة، الى غمامة الدخان التي خطتها ريشة ايلي بعلامة نهاية العالم والبداية الجديدة في أعلا الصورة... وأكثر ما صدمنا كانت السيارة الحمراء التي رسمها ايلي تحت تمثال الشهداء والتي صودف أن تضررت سيارة شبيهة لها تماما في أرض الانفجار، حتى أنه رسمها من الزاوية نفسها التي التقطت فيها صورة السيارة وانتشرت".
وتابع أنطوني: "الجثث المتناثرة، والدماء التي ملأت المكان والدمار الشامل، وحتى مجسم الجندي الذي يرمز للجنود الأجانب الذين حضروا الى أرض الانفجار والخطوط الذهبية التي تشبه الزجاج الذي تناثر على الطرقات والأشلاء البشرية... كلها أمور شكلت صدمة لنا".
وشدد يوسف على أن "في البداية اعتقدنا أن أوجه الشبه ليست ضخمة كما تخيلنا وأن محبتنا لايلي دفعتنا لاعتقاد ذلك، الا أن الدهشة تلمع في نظر كل من رأى الصورة بعد حصول الانفجار".
"حتى أن ايلي كان قد جهز ديكور استوديو في احدى المحطات الاعلامية لبرنامج كان سيعرض في 17 تشرين، الا أن الثورة حالت دون عرض البرنامج وبقي المكان على حاله، حتى ليلة الانفجار حيث استخدم الاستودية بالديكور نفسه الذي أعده ايلي من دون دراية فريق العمل في المحطة بأن ايلي قد غادرنا... وكأن القدر قرر أن يلعب لعبته في كل تفصيل"، وفق يوسف.
قصة ايلي غريبة محزنة مؤلمة ومدهشة في آن، تجعلك تقف للحظات من دون امتلاك أي تعليق أو اجابة... ربما كان أسهل على هذا الشاب الموهوب أن يرحل قبل أن يرى أن ما رسمه على الورق تحول الى حقيقة في لحظة... وبعد ضربة الرحيل القاضية لا يمكن الا القول: "المسيح قام"!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا