يعيش لبنان في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة، حيث تواجه الحكومة الحالية بقيادة الرئيس نواف سلام تحديات جسيمة تتعلق بالملفات العالقة والأزمات المتراكمة، ومع إصرار على ضرورة تنفيذ الإصلاحات في مختلف المجالات، يبرز التساؤل حول قدرة الحكومة على القيام بذلك في الوقت المحدد، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية والضغوط الداخلية والخارجية.
في هذا السياق، قال الصحافي وجدي العريضي: "من الطبيعي أن حكومة نواف سلام ليست قادرة على تنفيذ الإصلاحات في وقت محدد أو بشكل كامل، نظرًا للمهلة المحدودة التي لا تتعدى العام ونصف العام، خاصة مع اقتراب الانتخابات النيابية".
وأكد العريضي أن "هناك العديد من الملفات العالقة في البلد، ما يستدعي وقتًا طويلاً لأي حكومة للبدء في الإصلاحات. ومع ذلك، فإن تسميتها بحكومة النهوض والإصلاحات، والشخصية الإصلاحية للرئيس نواف سلام، قد تتيح له القيام بخطوات كبيرة ومهمة في هذا المجال".
وأشار إلى أنه "من غير الممكن تحقيق إصلاحات بنيوية ومالية وإدارية في جميع المؤسسات وإعادة هيكلة الدولة بشكل كامل في الوقت المحدد. ومع ذلك، أعتقد أن الرئيس نواف سلام وفريق عمله سيتخذون خطوات إصلاحية مهمة، ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن أي دولة مانحة لن تقدم الدعم للبنان إلا إذا كانت هناك انطلاقة حقيقية للإصلاحات".
وتابع: "هذا ما أشار إليه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عندما زار لبنان لتهنئة رئيس الجمهورية جوزاف عون، حيث دعا إلى ضرورة تنفيذ الإصلاحات من قبل الحكومة، وهو ما يُعتبر ضرورة ملحة".
وشدد العريضي على أنه "من المتوقع أن الإصلاحات لن تكون شاملة في البداية، لكننا قد نشهد انطلاقة إصلاحية خلال الأشهر القليلة المقبلة".
وفيما يتعلق بالقرارات الجريئة التي من الممكن أن تتخذها الحكومة في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، رأى العريضي أن هذا الأمر ليس سهلاً على الإطلاق، خاصة وأن الدولة قد أفلست.
وأضاف: "هناك العديد من المناطق التي بحاجة إلى عملية نهوض، وخاصة العاصمة بيروت، فهناك العديد من البلديات التي تعاقبت ولم تُقدّم أي شيء ملموس للعاصمة".
واكمل: "لفت انتباهي موقف للنائب في بيروت، الأستاذ نبيل بدر، حيث أكد أن أي خطة تنطلق من العاصمة يجب أن تشمل كافة المناطق، سواء كانت بنيوية، اقتصادية، تنموية أو عمرانية، ورأى أنه يجب أن تكون هناك خطة شاملة لكل من العاصمة بيروت والمناطق اللبنانية".
وأردف: "ولكن حتى الآن، المسألة لا تزال صعبة ومعقدة بسبب تقاعس الحكومات السابقة عن القيام بعملية إصلاح حقيقية أو وضع خطط اقتصادية جريئة، ومع ذلك، هذه الحكومة في وقتها القريب ستحتاج إلى اتخاذ خطوات جريئة، ولكن يجب أن نتذكر أننا على أعتاب استحقاقين بلدي ونواب، ما سيستهلك جزءًا كبيرًا من وقت الحكومة".
وأشار إلى أنه "لذلك، هذا الأمر يتطلب خطوات جريئة نعم، ولكن بشرط ألا تكون على حساب المواطن. وهذا ما أكده أيضًا النائب نبيل بدر، حيث أشار إلى أن الخطة الاقتصادية يجب أن تكون مدروسة ومتكاملة، بدءًا من العاصمة بيروت وصولاً إلى كل المناطق اللبنانية، بما في ذلك عكار وأقصى المناطق اللبنانية. نحن بحاجة إلى خطوات جريئة، لكن بشرط أن تكون في مصلحة المواطن وألا تضر به، بل تساهم في استعادة الأموال وتحقيق العدالة الاقتصادية".
كما قال: "من الطبيعي أن حكومة نواف سلام لن تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات في أي وقت محدد، أو حتى في وقت قريب، نظرًا للمهلة المحدودة التي لا تتجاوز العام ونصف، حيث سيشهد لبنان انتخابات نيابية قريبًا، كما لا يمكن إغفال أن البلد يعاني من مشكلات في العديد من الملفات العالقة والأزمات المتراكمة، وهو ما يتطلب وقتًا طويلاً من أي حكومة للبدء في الإصلاحات".
وأكد أن "من غير الممكن أن تكون حكومة الرئيس نواف سلام مجرد حكومة لتصريف الأعمال، بل يجب أن تكون قادرة على تنفيذ إصلاحات حقيقية، لكن لا يمكننا أن نغفل أن لبنان يحتاج إلى جهود مضنية من جميع القوى السياسية، وأن هناك حاجة لتعاون فعّال بين رئيسي الجمهورية والحكومة، وكذلك مع المجلس النيابي، ومع ذلك، لا أعتقد أننا سندخل في مرحلة ازدهار أو بحبوحة في الوقت القريب، لأن مؤسسات الدولة قد تعثرت وشيّخت، وهناك إفلاس حقيقي، فضلاً عن ارتكابات وفساد وسرقات شهدتها البلاد منذ ما بعد اتفاق الطائف وحتى اليوم، في جميع الحكومات المتعاقبة".
وتابع العريضي: "هذا يعني أن الحكومة لن تكون فقط حكومة تصريف أعمال بمعناه التقليدي، لكن لن تتمكن من إحداث معجزات. لا يمكننا أن نراهن على ذلك في الوقت الراهن، بل يجب أن نترقب الأحداث، في الشهرين المقبلين، قد تظهر بعض المعالم الإيجابية إذا كان هناك قرار دولي لدعم لبنان. وفي هذه الحالة، قد يتم عقد مؤتمر للدول المانحة، ويحدث تحرك مالي ونهوض على كافة الأصعدة، بما في ذلك الاستثمار والسياحة. ما نحتاجه في هذه المرحلة هو فترة ترقب وانتظار، في ظل التحولات والمتغيرات السياسية في لبنان والمنطقة، بالإضافة إلى الوضع الدولي المتقلب".