حشد كل من حزب الله وحركة أمل مناصريهما يوم أمس بمناسبة تشييع الأمينين العامين السابقين لحزب الله السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وسط حضور دبلوماسي رفيع وحضور شعبي واسع.
وقد فسر البعض حشد الثالث والعشرين من الشهر الحالي على أنه رسالة للداخل اللبناني وللخارج في آن واحد، وقد ذهب البعض ليعتبر أن التجمع البارحة هو لإظهار مدى قوة الثنائي الشيعي الشعبية وبالتالي التلميح إلى أن كل محاولات الإطباق عليهما في السياسة الداخلية فشلت، وأي محاولة مستقبلية ستبوء بالفشل.
في هذا الشأن، أشار الصحافي علي حمادة في حديث لـvdlnews إلى أن "الحشد كان متوقعا وحزب الله هو الجهة الوحيدة القادرة على الحشد بهذا الحجم، والمناسبة كانت عاطفية وبنفس الوقت الجماهير تستجيب لتكليف شرعي إضافة إلى أنه تشييع لرجل استثنائي في تاريخ الطائفة الشيعية حكم هذه الطائفة لثلاثة عقود، وهو من قام بصياغة الحياة العامة والخاصة للشيعة في لبنان كما أنه أثر على مسار الحياة في لبنان والمنطقة".
كما لفت حمادة إلى أن "هناك تضارب بأعداد الذين حضروا التشييع فالبعض يقول إن العدد بلغ قرابة مليون و400 ألف وهناك من يقول فقط 400 ألف ولعبة الأرقام لا تنتهي في لبنان، إنما المؤكد أن مأتم السيدين نصر الله وصفي الدين من الأكبر في تاريخ البلاد من ناحية الحضور الشعبي".
كما لاحظ حمادة أن "الحضور بشكل استثنائي كان شبه تام من طائفة واحدة أما الحاضرون من الخارج لم يتجاوزوا بضعة آلاف ربما 20 أو 30 ألف بأحسن تقدير، وهناك مبالغات بأرقام الآتين من الخارج لأن الأمر لا يستقيم إن لم نحسب عدد الرحلات إلى بيروت، هذا ووجدت مقاطعة ضمنية من البيئات الطائفية الأخرى فبالكاد كان هناك تمثيل مسيحي فتمثيل البطريركية اقتصر على مستوى مطران صيدا هو بسبب علاقات الجوار في هذه المنطقة".
أما لناحية التيار الوطني الحر، فقال حمادة إنه "لم يحضر قادته الفعليين والنواب الذين حضروا لا قيمة فعلية لهم، وفرنجية يمثل شريحة من زغرتا، أما درزيًا فكان التمثيل خجولًا بهدف الإبقاء على صلات الوصل وعدم القطع مع الجوار والمد الشعبي المسيحي والدرزي رافض للمشاركة في تشييع السيد حسن نصر الله وذلك نظرًا لاتهامه هو وقادة حزب الله على مدى الأعوام العشرين الماضية بالاغتيلات والغزوات وتوريط لبنان بحروب لا نهاية لها بصرف النظر عن رأي الحاضرين".
وعلى المستوى السني، اعتبر حمادة أن "الجهة السياسية الأبرز أي تيار المستقبل لم يحضر لسبب بسيط وهو تورط قيادة الحزب بدماء رفيق الحريري وهنا نتحدث عن السيد حسن نصرالله وهو متورط بالتنفيذ والنظام السوري، ولا ينفع أن نرمي اللوم كله على عاتق نظام الأسد وأن ننسى من نفذ على الأرض ناهيك عن أن حزب الله قام بحرب ومعركة دموية لطمس هذه الحقيقة داخليًا وخارجيًا وقد عاد وفعلها مرة أخرى في ملف تحقيق مرفأ بيروت".
وشرح الصحافي بشكل مفصل وجهة نظره مستشهدًا بأمثلة تاريخية، حيث أوضح أن "لا شك نصر الله شخصية استثنائية غير أنه ليس على وئام مع بقية اللبنانيين وهذه نقطة الضعف الأساسية فالأرقام ليست مهمة طالما أن المشيعين كانوا من فئة واحدة، إنما العدد هو طبعًا بمثابة رسالة على الأرض مفادها أن الحزب لم ينته وعلينا أن نكون حذرين على الأرض بمسألة التشييع، فجمال عبد الناصر كان بوداعه 10 ملايين شخص في شوارع القاهرة وفي اليوم التالي انتهت "الناصرية" وخرج الاتحاد السوفييتي وتحولت مصر إلى المحور الأميركي".
وواصل شرحه: "هذا الأمر أيضًا حصل مع ماو تسي تونغ وهو باني الصين ومحررها وقائد الثورة الصينية الذي ما ان توفي أقيم له تشييع تاريخي وبعدها بفترة قليلة حصل الانقلاب المتوقع بقيادة دينغ شياو بينغ الذي نقل البلاد إلى مرحلة الانفتاح مع الولايات المتحدة وطي صفحة الثورة الثقافية التي أحدثها ماو تسي تونغ باني الصين الحديثة".
وأكد حمادة أن "الأمثلة التاريخية حول هذا الموضوع كثيرة فالحشود مهمة لكنها ليست الصورة كاملة، فإن كان الحزب في السابق منظما أو قادرا على المواجهة فقد انتهى الموضوع، وإذا يريد مواجهة إسرائيل انتهى الموضوع أيضًا والواضح أن 4 طائرات إسرائيلية كانت كفيلة بتذكير الناس أن سيف الاغتيالات فوق رأس الحزب لا يزال مسلطا".
ووفق حمادة، "حزب الله خرج من مواجهة إسرائيل وإذا عاد إليها فسيتم تدميره أكثر فأكثر أما بالنسبة للداخل فليس هناك رضا على الحزب ما لم يراجع كل المسار السابق ومرحلة الأمين العام السابق حسن نصر الله ينتظر الداخل اللبناني طيّها".
في حين، استبعد الصحافي أن تكون "لبننة الحزب سريعة، فالإيراني لا يزال يسيطر على التمويل والقرار والقيادة العسكرية وهذه خطورة الوضع في لبنان، لذلك لا أصدق كثيرًا أن طائفة واحدة قادرة على حشد مليون ونصف فلو كان الرقم صحيحًا لم يكن ليبقى طفل واحد في بيته وهذا أمر غير منطقي".
وختم: "اللبننة مشروع طويل وسيكون سلاح حزب الله على الطاولة إنما ليس ضمن استراتيجية دفاعية وطنية وانتهى زمن التفاوض على استراتيجية يشارك فيها حزب الله، فعليه الامتثال للقانون والدستور وحل الهيكلية العسكرية والأمنية وتسليم السلاح والانتقال إلى العمل السياسي والاجتماعي أسوة ببقية المكونات اللبنانية أما عدا ذلك فسيبقى البلد مهتزا وقد ندخل في مواجهة داخلية ليست بعيدة وربما جولات قتالية جديدة مع إسرائيل".